بين مطرقة الجيش وسندان عصابات المخدرات.. لماذا ينتفض الكولومبيون الآن؟
Al Jazeera
في شهر نيسان/أبريل 2020، اندلعت المظاهرات ودخلت البلاد في إضراب عام، قد يبدو ذلك في ظاهره شيئا عاديا، لكن القصة الكامنة وراءها مختلفة إلى حدٍّ بعيد.. فما الذي يحدث في كولومبيا؟ وأي تاريخ تحكيه لنا؟
طوال الساعات الثلاثة عشرة التي استغرقتها الطائرة الثالثة من مطار فرانكفورت إلى مطار "بوغوتا" عاصمة كولومبيا كنت أُحدِّث نفسي أنني لم أتخيل قط أن العالم واسع لهذه الدرجة. أدركت حينها أنني ذاهب إلى عالم آخر، عالم ما وراء المحيط، العالم الجديد، أو الذي اكتشفوا أنه جديد، ولا يزال مجهولا لدى سكان العالم القديم، بعد أكثر من خمسة قرون على "اكتشافه". قد لا يعرف الكثيرون في الوطن العربي عن كولومبيا أكثر مما شاهدوه في مسلسل "ناركوس" عن "بابلو سكوبار" تاجر المخدرات الأشهر، الذي يعده الكولومبيون أحد أسوأ شخصياتهم التاريخية على الإطلاق. لكن العرب قد لا يعرفون عن كولومبيا صحراواتها وجبالها، وسكانها الأصليين، وموسيقاها الشعبية واحتفالاتها وأدباءها وتاريخها الدموي وأعراق سكانها؛ سكانها الذين لم يتوقفوا يوما عن حب الحياة وإرادتها رغم سنوات الدم والخوف، سكانها الذين هُجِّروا تحت سلاح الجيش والميليشيات المسلحة التي شكَّلها قادة الجيش وتجَّار المخدِّرات، لكنهم مع كل ذلك لا يزالون متمسكين بالحياة ويعرفون كيف يستمتعون بها، حين تسمح لهم. لعل القضية الفلسطينية، التي تشغل اهتمام أكثر وسائل الإعلام العربية حاليا، قد حجبت عن المواطن العربي حدثا لا يقل صداه العالمي عمَّا يدور في القدس، وهو الاضطرابات السياسية والشعبية التي هزَّت كولومبيا في الأسابيع الأخيرة. وبالمثل، لا يدري الكثيرون في ذاك الجزء الجنوبي من العالم ما يحدث في فلسطين، سوى بعض الكولومبيين من أصول فلسطينية من أبناء المهاجرين وغيرهم ممن يحاولون الربط بين ما يحدث في كلا البلدين. في كولومبيا يصرخ الشباب مستنجدين في الشوارع وعلى حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي: "إنهم يقتلوننا". ففي الثامن والعشرين من إبريل/نيسان الماضي، دخلت البلاد في إضراب عام ومظاهرات في مدنها وقُراها ضد قانون الإصلاح الضريبي الذي يفرض ضرائب على الخدمات الأساسية، ويريد تعديل قانون التأمين الصحي ليحرم أغلب قطاعات الشعب منه. يبدو ذلك في ظاهره شيئا عاديا وغير مختلف عن أخبار المظاهرات والاحتجاجات التي نقرأ عنها كل يوم، لكن القصة الكامنة وراءها مختلفة إلى حدٍّ بعيد.More Related News