ملامح جديدة لدولة حديثة.. الكويت تحتفل بذكرى استقلالها الحادية والستين
Al Sharq
تحتفل دولة الكويت الشقيقة، غدا الجمعة، بالذكرى الحادية والستين لاستقلالها، والذي انطلقت بعده إلى مرحلة جديدة تشكلت فيها ملامح الدولة الحديثة، واستطاعت على مر
تحتفل دولة الكويت الشقيقة، غدا الجمعة، بالذكرى الحادية والستين لاستقلالها، والذي انطلقت بعده إلى مرحلة جديدة تشكلت فيها ملامح الدولة الحديثة، واستطاعت على مر العقود الماضية أن تتبوأ مكانة مرموقة على الصعد العربية والإقليمية والعالمية. وقد نالت الكويت استقلالها في التاسع عشر من يونيو عام 1961، حيث جرى توقيع وثيقة الاستقلال وإلغاء اتفاقية الحماية مع بريطانيا، ثم صدر في 18 مايو عام 1964 مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس، وهو ذكرى تسلم أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح مقاليد الحكم في بلاده، والذي يصادف الخامس والعشرين من فبراير من كل عام. وتتزامن احتفالات الكويت بالذكرى الحادية والستين للاستقلال مع احتفالها بالذكرى الحادية والثلاثين للتحرير، فيما تشهد محافظاتها مظاهر فرح وبهجة، وتتزين مبانيها بعلم الوطن وصور سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وسمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ولي العهد الكويتي، تعبيراً عن الوفاء والولاء للكويت وقيادتها الحكيمة. وتعم الأجواء الاحتفالية ومظاهر الفرح هذه الأيام ربوع دولة الكويت الشقيقة، مرتدية أبهى الحلل لاستقبال أعيادها المجيدة، ومع بداية فبراير من كل عام تتلألأ مباني وشوارع الكويت بمظاهر الزينة والأضواء بألوان علمها، ما يعطى انطباعا بالبهجة والسرور. ويستقبل المواطنون الكويتيون الأعياد الوطنية بأجواء من الفرحة في الشوارع والميادين برفع علم وطنهم، وارتداء الأزياء التي تتناسب مع هذين العيدين الغاليين على نفوسهم، وتزيين سياراتهم بالأعلام والملصقات الخاصة بهاتين المناسبتين (العيد الوطني وعيد التحرير)، لما يحتلانه من مكانة كبيرة وخاصة في قلوب الشعب الكويتي الشقيق. ويحق للكويت والكويتيين الفرح والاحتفال بذكرى الاستقلال المجيد في ظل قياداتها الحكيمة التي توالت طوال العقود الماضية، وشعب وفي ومخلص، وعلى أرض تسودها المحبة والإخاء لطالما تميزت عبر تاريخها الطويل بلحمة وطنية راسخة، وتلاحم شعبي فريد. وتنظم العديد من المؤسسات الحكومية احتفالات متنوعة بهذه المناسبة من أجل تعزيز الروح الوطنية وغرس حب الوطن في نفوس الأجيال الناشئة، والتأكيد على الثوابت الوطنية لتجديد العهد وتعزيز الولاء والاعتزاز بالهوية الوطنية، والتفاخر برجالات الكويت، واستذكار تضحيات ومآثر الآباء والأجداد. وأعلنت اللجنة الوطنية الدائمة للاحتفال بالأعياد والمناسبات الوطنية الكويتية تمديد فترة برامج الاحتفالات بالأعياد الوطنية حتى 31 مارس المقبل، تزامنا مع قرار مجلس الوزراء بتخفيف القيود والاشتراطات الصحية المتعلقة بجائحة كورونا. وقالت إنها تسعى لإضفاء المزيد من أجواء الفرح والافتخار بالمناسبات الوطنية التي تمثل ذكرى عزيزة لكل مواطن ومقيم على أرض الكويت، مضيفة أن برامج الاحتفالية ستكون مميزة من خلال العروض التي ستشهدها مناطق الكويت كافة بمشاركة مختلف مؤسسات الدولة. كما أوضحت أن من بين تلك الفعاليات عرضاً لوزارة الدفاع بمشاركة وزارة الداخلية والحرس الوطني بجانب أبراج الكويت، إضافة لعرض جوي للقوة الجوية الكويتية، فضلا عن إقامة عروض خاصة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي وأسواق المباركية والحدائق العامة والمنتزهات والأسواق. بدورها، أعلنت وزارة الإعلام الكويتية عن انطلاق الحملة الوطنية للاحتفال بالأعياد الوطنية 2022 تحت شعار /جنة لنا كلنا/، معيدة إحياء الاحتفالات الوطنية لدولة الكويت بعد انقطاع لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا. وفي سياق متصل، أكد السيد حمد روح الدين وزير الإعلام والثقافة الكويتي، في كلمة له خلال رئاسته الاجتماع الأول للجنة الدائمة للاحتفال بالأعياد والمناسبات الوطنية 2022، الاهتمام الكبير الذي توليه وزارته والحكومة لإعادة إحياء الاحتفالات الوطنية لدولة الكويت بعد انقطاع استمر سنتين بسبب الجائحة، وإبراز مكانة الكويت وأعيادها ومناسباتها العزيزة على قلوب الجميع، قائلا "إن مختلف الجهات الكويتية لم تدخر جهدا في إظهار دولتهم بأجمل حلة في السنوات السابقة، ما أشعل روح التنافس بينها سواء حكومية أو خاصة في إبراز مكانة الكويت وأعيادها ومناسباتها العزيزة على القلوب". كما لفت إلى أن الاحتفالات الوطنية تعبر بعمق من خلال الفعاليات والنشاطات بمختلف أنواعها عن الروح الوطنية وحب الوطن وتعزيز وربط التراث في نفوس الأبناء والأجيال القادمة، مضيفا أن هذا ما يدفع الجميع اليوم للعمل بدأب من أجل إحياء هذه الاحتفالات من جديد وتذليل كافة الصعوبات ومد يد التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة للبدء بالاحتفالات الوطنية متمثلة بالعيد الوطني ويوم التحرير. وفي هذا السياق، أعلن مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي عن رزنامة أنشطته المقررة خلال فترة أعياد الكويت الوطنية، متضمنة عدة فعاليات مميزة بمتاحفه وساحاته الخارجية، لافتا إلى أن هذه الفعاليات ستشمل مسابقات متنوعة منها مسابقة بعنوان (كلمات في حب الكويت) بحيث يشارك المتسابقون (13 إلى 17 عاما) لكتابة قصيدة تعبر عن مدى حبهم وولائهم لوطنهم، ومسابقة غنائية بعنوان (لنغني من أجل الكويت) مخصصة للأطفال ما بين 5 و10 سنوات. إلى ذلك، دشن فريق الطائرات الورقية الكويتي احتفالاته بالأعياد الوطنية بإطلاق عدد من الطائرات بألوان علم الكويت في سماء منطقة /الخيران/ بعد غياب دام عامين بسبب ظروف الجائحة، حيث تتسم هذه الطائرات الورقية بطابع الوطنية ومزينة بالهوية الكويتية من خلال عرض ألوان علم الكويت وعلم ما قبل الاستقلال، إضافة إلى صور سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وطائرة ورقية صممت بطريقة تدمج التراث الشعبي الكويتي القديم بالحديث. وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، فقد سعت الكويت إلى إنجاز خططها التنموية الهادفة إلى ترسيخ القيم الوطنية وبناء الكوادر البشرية ودفع عملية التنمية وتوفير بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة. وتستعيد الكويت مع هذه الذكرى إعلان الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح في 19 يونيو انتهاء معاهدة الحماية البريطانية من خلال توقيع وثيقة الاستقلال مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن الحكومة البريطانية. وقد جاء ذلك إدراكا من الشيخ عبدالله السالم الصباح أن اتفاقية 23 يناير 1899، التي وقعها الشيخ مبارك الصباح مع بريطانيا في ذلك الوقت لحماية الكويت من الأطماع الخارجية، لم تعد صالحة مع المستجدات في العالم حينذاك. وقد سبق التوقيع على وثيقة الاستقلال خطوات مدروسة من الشيخ عبدالله السالم الصباح منذ توليه مقاليد الحكم عام 1950 إذ عمل على التمهيد لكل ما يوصل إلى تحقيق الاستقلال وإعلان الدستور، لاسيما أن الكويت كانت في تلك الفترة قد بدأت خطواتها في التطور المنشود في مختلف المجالات. وقد احتفلت الكويت بالعيد الوطني الأول في 19 يونيو عام 1962 وأقيم في تلك المناسبة عرض عسكري كبير حضره عدد كبير من المسؤولين والمواطنين في أجواء من البهجة والسرور، وفي ذلك اليوم ألقى الشيخ عبدالله السالم الصباح كلمة قال فيها "إن الكويت تستقبل الذكرى الأولى لعيدها الوطني بقلوب ملؤها البهجة والحبور بما حقق الله لشعبها من عزة وكرامة، ونفوس كلها عزيمة ومضي في السير قدما في بناء هذا الوطن والعمل بروح وثابة بما يحقق لأبنائه الرفعة والرفاهية والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين". وخلال الـ61 عاما الماضية، حققت الكويت إنجازات متميزة على الصعد كافة، وفق خطط استشرافية أدركت متطلبات الوطن وأبنائه من التنمية والتطوير، وأسهمت في أداء دور محوري في الملفات الإقليمية والدولية التي اضطلعت بها، كما أصبحت محط أنظار العالم في المساعدات الإنسانية. ومنذ استقلال الكويت وهي تسعى إلى انتهاج سياسة خارجية متوازنة، آخذة بالانفتاح والتواصل طريقا، وبالإيمان بالصداقة، والسلام مبدأ، وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعبها هدفا، في إطار من التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية، ودعم جهودها وتطلعاتها وأهدافها. كما حرصت الكويت على إقامة علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة بفضل سياستها الرائدة ودورها المميز في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التعاون العربي، ودعم جهود المجتمع الدولي نحو إقرار السلم والأمن الدوليين، والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الإقليمي والدولي من خلال الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة دول عدم الانحياز. وتواصل الكويت، في ظل قيادتها الحكيمة، جهودها الحثيثة لمتابعة مسيرة التنمية والإعمار والاستقرار والازدهار في البلاد، ومسيرة الإسهام في التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة لتحقيق الأمن والسلام في ربوع العالم. كما أنها تضاعف الجهود من أجل العمل على كل ما يساهم في تحفيز القطاعات الاقتصادية وتطوير منتجاتها وخدماتها وخلق فرص استثمارية تنافسية، فضلاً عن اهتمامها بالقطاعين الصناعي والزراعي، وتطوير منتجاتهما وصادراتهما، مثلما تولي اهتماماً بالغاً بفئة الشباب، والعمل على رعايتها، وفتح آفاق المستقبل أمامها، من خلال تأهيلها بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية وغرس القيم الكويتية الأصيلة في نفوسها، لتشارك هذه الفئة في مسيرة التنمية والبناء باعتبارها مستقبل الوطن وثروته الحقيقية. وتعكس المؤشرات الإحصائية الإنجازات التي حققتها دولة الكويت في مسيرتها التنموية بكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويظهر ارتفاع مستوى معيشة المواطنين ومستوى الرفاه الذي حققته الدولة لأبنائها جلياً في مستوى الدخل الفردي المرتفع، وتمتع المواطنين والعاملين فيها بأحدث الخدمات في مجالات الصحة والتعليم والاتصالات، وغيرها من أوجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر التنمية المستدامة من أهم التوجهات الاقتصادية التي تتبعها دولة الكويت التي تسعى باستمرار إلى تنويع قاعدتها الإنتاجية ومصادر الدخل الوطني. وتشير البيانات إلى أن مساهمة القطاع غير النفطي بلغت نحو 65.8 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2020م، في حين بلغت مساهمة الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات الحكومية نحو 16.5 بالمئة عام 2020م مقارنة مع نحو 11.4 بالمئة عام 2015م. وتسعى دولة الكويت إلى تطوير المناخ الاستثماري، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة كمصدر هام لتمويل الأنشطة التنموية، وزيادة دور القطاع الخاص في دعم النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، ارتفع إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنوات الماضية وبلغ نحو 45.7 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2020م، مقارنة مع 42.8 مليار دولار أمريكي في العام السابق، أي بنسبة زيادة بلغت سبعة بالمائة. وشهد القطاع المالي في دولة الكويت خلال السنوات القليلة الماضية تقدماً بارزاً سواء في مؤشرات القطاع المصرفي أو في أسواق الأوراق المالية والتي تشكل مصدراً رئيسياً للأنشطة الاقتصادية والتجارية، فعلى سبيل المثال ارتفع إجمالي أصول البنوك التجارية العاملة في دولة الكويت بنحو 25 بالمئة خلال الفترة 2015 / 2020م ليبلغ 241.6 مليار دولار أمريكي. أما بالنسبة لبورصة الكويت، وهي الرابعة خليجياً من حيث القيمة السوقية، فقد ارتفع مؤشرها بحو 27 بالمئة عام 2021م، مقارنة مع مستواه بنهاية عام 2020م. وبهدف تطوير العمل في سوق الأوراق المالية الكويتي وتحسين إطار الحوكمة، تم مؤخراً تعديل الكتاب الخامس عشر (حوكمة الشركات) بشأن الإفصاح والشفافية وتعزيز دور أعضاء مجالس الإدارة وحماية حقوق صغار المستثمرين. كما حقق القطاع الصحي في دولة الكويت إنجازات مشهودة من خلال إنشاء مستشفيات تتمتع بأعلى معايير الجودة العالمية والكفاءة، حيث وصل عددها إلى 36 مستشفى في العام 2019م مقارنة بــ32 مستشفى في العام 2015م، وارتفع معدل الأطباء البشريين لكل 10 آلاف من السكان ليبلغ ما معدله 26.7 العام 2019م مقارنة بمعدل 25.6 العام 2015م، أي بنسبة زيادة بلغت 4.3 بالمئة. وواكب توفر الخدمات الصحية وجودتها تحسن في مؤشر وفيات الأطفال دون سن الخامسة لكل ألف مولود حي ليبلغ ما معدله 8.3 بالمئة عام 2020م مقارنة بما معدله 10.4 بالمئة عام 2016م. وشهد قطاع التعليم بمختلف مراحله تطوراً واضحاً وملموساً في مختلف جوانبه، حيث ارتفع عدد طلاب التعليم المدرسي في العام الدراسي 2019 / 2020 م إلى 608.4 ألف طالب وطالبة مقابل 553.8 ألف طالب وطالبة للعام الدراسي 2015 / 2016 /، أي بنسبة نمو بلغت 9.9 بالمئة، وارتفع أيضا عدد مدرسي التعليم المدرسي ليبلغ 80.8 ألف مدرس لعام 2019 / 2020 م مقارنة ب 71.3 ألف مدرس لعام 2015 / 2016 م، أي بنسبة نمو ناهزت 13.3 بالمئة. كما تعمل دولة الكويت على تعزيز تنافسيتها العالمية، ويتضح ذلك من خلال المراكز المتقدمة التي حصلت عليها في عدة تقارير عالمية، ومنها حصولها على المركز الأول عالمياً في مؤشر نسبة الالتحاق في التعليم العالي وفق تقرير الفجوة بين الجنسين لعام 2021م، والمرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الحصول على خدمات المياه الأساسية، وفي مؤشر تغطية الرعاية الصحية وفق تقرير الازدهار للعام الماضي. واليوم وبعد مرور 61 عاما على الاستقلال، لا تزال الكويت تواصل نهجها الثابت في عملية التنمية والتطوير على الصعيد الداخلي، فيما تواصل على الصعيد الخارجي بناء علاقات وثيقة مع دول العالم، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتمسك بالشرعية الدولية، والعمل مع المجتمع الدولي على منع نشوب الخلافات والحروب والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وحل وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية، كما تحرص وبقوة على التنسيق مع الدول والقادة العرب في كل ما يخص القضايا العربية، والتعاون البناء معهم لحل المشكلات التي تواجه الأمة العربية مع التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى. وتتابع دولة الكويت الشقيقة، بهذه العزيمة، سيرها دولة عربية مستقلة متعاونة متضامنة مع شقيقاتها العربيات في جامعة الدول العربية، محافظة على استقلالها، تحميه بالنفس والنفيس، مؤمنة بحق الشعوب في الحرية والاستقلال، محبة للسلام، ساعية إلى تدعيمه، منتهجة سياسة عدم الانحياز، وساعية لتوطيد روابط الصداقة، ومتمسكة بميثاق الأمم المتحدة وشريعة حقوق الإنسان.