فنانون وكتاب لـ الشرق: توظيف التراث في الإبداع اختيار ذاتي
Al Sharq
يحمل التراث في جانب من جوانبه أبعادا تتجاوز المحلية الضيقة إلى ما هو إنساني وكوني، خاصة عندما يتم توظيفه في الفنون عامة، وخاصة المسرح والفن التشكيلي. ويصبح الحديث
يحمل التراث في جانب من جوانبه أبعادا تتجاوز المحلية الضيقة إلى ما هو إنساني وكوني، خاصة عندما يتم توظيفه في الفنون عامة، وخاصة المسرح والفن التشكيلي. ويصبح الحديث عن التراث ـ بعيدا عن إشكالية علاقته بالحداثة ـ موضوعا جديرا بالطرح، حيث لا جدال ولا اختلاف في أن تناول المبدع للتراث وارد في أي من مجالات الإبداع الفني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ههنا: هل الهدف الحقيقي من توظيف التراث في الفن ذاتي أم اختيار فرضه واقع تتجاذبه أزمات متعددة الأوجه، وثورة تكنولوجية هائلة؟(الشرق) طرحت هذا التساؤل على عدد من الفنانين والكتاب.. فكان الاستطلاع التالي:حمد الرميحي: أتناول التراث من أجل قضية إنسانية تؤرقني قال الكاتب المسرحي حمد الرميحي: توظيف التراث في الفن لا يجب أن يكون توظيفا بلا هدف، بل لهدف وفكرة يراد طرحها في العمل، وتشغلني ككاتب أو كمخرج مسرحي، سواء تعلق الأمر بقضية محلية أو عربية أو إنسانية، فأسقط التراث على ما أشعر به، ولذلك أعتبر أن توظيف التراث في العمل الفني اختياري وليس إلزاميا. وتابع قوله: الفنان يبحر في التراث من أجل إسقاطه على واقع مأزوم أو أزمة تهمك كإنسان لأن العمل الفني اختياري. مثال على ذلك، في مسرحية "قصة حب طبل وطاره" هناك أزمة حضارة. وتوصلت كمؤلف ومخرج المسرحية إلى أن كل الحضارات تكمل بعضها، وهذا مضمون إنساني. وأشار حمد الرميحي إلى أنه وظف التراث ومفرداته في المسرحية، وفاز العمل بجائزة أفضل نص عربي في مهرجان عمّان المسرحي.. مضيفا: هناك إشكالية اليوم وهي أن الفنان لابد أن يكون لديه خيال واسع، ورؤية فلسفية، وإنسانية، وتناول التراث يختلف من كاتب إلى آخر، وأنا أتناوله من أجل قضية إنسانية تؤرقني كإنسان وكفنان.د. حسن رشيد: المبدع يستحضر التراث كي يعري الواقع قال الناقد الدكتور حسن رشيد: توظيف التراث قد يحتمل الإطارين: ذاتي، وقد يكون إسقاطا على الواقع المعاش، وهذا ما لاحظناه في كثير من الأعمال لدى العديد من المبدعين، سواء العرب أو في الغرب الذين لجأوا إلى استحضار التراث في كثير من أعمالهم الإبداعية. وكثيرا ما يلجأ الكتاب العرب إلى التراث هروبا من الرقيب، لذلك نلاحظ في مجال المسرح، على سبيل المثال، عند الحديث عن المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس نجده في مسرحية "طقوس الإشارات والتحولات" يستحضر التراث سواء التراث العربي أو العالمي، وكذلك مسرحية "الفيل يا ملك الزمان"، حيث وجدناه يعري الواقع الذي يعيش فيه. واقع الأمة العربية، وهو ما نجده أيضا عند مواطنه الشاعر محمد الماغوط، والكاتب المسرحي التونسي عزالدين المدني، ونجده عند الكاتب المسرحي محمود ذياب. لا ننسى أيضا الشعراء مثل الشاعر أمل دنقل، وبدر شاكر السياب، ومسرحية "الحلاج" لصلاح عبدالصبور. عندما يستحضر فنان إطارا للوحة فنية فإنه يستحضر التراث كي يعري الواقع الذي يعيش فيه. وأضاف: توظيف التراث في الفن قد يكون ذاتيا من خلال ما وجدناه عند بعض الشعراء والأدباء في مصر في عهد الحكم المطلق، وهناك أيضا تعرية لواقع مأزوم.. هذا الموضوع مهم جدا ويحتاج إلى دراسة في كافة الأطر. عندما نأتي إلى المؤلف والمخرج عبدالرحمن المناعي نجده لا يستحضر التراث كشكل فلكلوري عندما يقدم مسرحية "رسائل بو أحمد الحويلي"، بل يقدم صرخة على الواقع، أن استيقظوا من السبات الحقيقي، وغدا سيكون محملا بكل ما هو موجود. هناك العديد من المبدعين في الخليج والوطن العربي لامسوا هذا الموضوع. عندما يستحضر الكاتب والمسرحي التونسي الراحل المنصف السويسي التراث في مسرحية "ابن رشد" أو غيرها من الأعمال فهو لا يستحضر التراث في شكل فلكلوري فقط، ولكنه يحمِّل الشخوص والأحداث بما يلامس واقعه.حصة كلا: التراث جزء لا يتجزأ من ذات الفنان تقول الفنانة التشكيلية حصة كلا: الفن له مساحة شاسعة لإبراز الزوايا الخفية الكامنة في عمق الفنان. تمتزج الأفكار بكل التفاصيل التي عاشها الفنان ويعايشها في حياته عبر مرور السنوات. فالتراث جزء لا يتجزأ من ذات الفنان. هذا التراث عاشه الفنان منذ الأزل، وأصبح الإرث الذي يتنغم به في حياته. الفنان يبحر في تفاصيل التراث فتتجسد من خلال أعماله الفنية، وتظهر من خلال اللون أو الخامة أو الزخارف أو التصاميم. وأضافت: يتمثل التراث بالنسبة للفنان في رموز تراثية مجسدة في أعماله الفنية، ولكل فنان اتجاه، فهناك من جسد التراث بتفاصيله، وهناك من جسده برموزه ومن خلال ألوانه. تعددت النماذج ولكنها انصبت تحت توظيف التراث في الفن. هذا كله يعتمد على فكر واتجاه الفنان في كيفية بوتقة التراث وتدويره لإخراج عمل تراثي في صياغة جميلة. التراث في صلب كل إنسان يسعى إلى التميز وحب القديم، ويسعى إلى كيفية تطوير التراث، فالتراث لا يفرض على الشخص ولكن هناك تطور سريع في الحاضر وجيل المستقبل تستهويه السرعة ولابد أن نعزز فيهم المحافظة على التراث من خلال إبراز الفن به. وأشارت الفنانة حصة كلا إلى أنها أنجزت لوحات تراثية ذات طابع واقعي، ولوحات تجريدية أكدت فيها الزخارف في الدراعة القديمة للمرأة القطرية مع إبراز اللون الأصفر في العمل الفني. مضيفة: تنوعت الأفكار ولكنها انصبت في قالب واحد هو قالب التراث الذي لابد من حمايته لأنه يحمل بين ثناياه إرث الأجداد.إبراهيم لاري: ضرورة طرح التراث بشكل حديث قال المخرج الشاب إبراهيم لاري: من المهم جدا توظيف التراث في العمل الفني. هذا التوظيف مرده ارتباط الأشخاص بعاداتهم وثقافتهم وتاريخهم وتراثهم، وغالبا من يكتب عن التراث ويوظفه في الفن هو شخص مرتبط بثقافته المحلية والعربية. هناك من يوظف التراث لأغراض أخرى غير فنية، ولكن غالب من هم موجودون في قطر من فنانين ومبدعين يستخدمون التراث لأنه مرتبط بهم بشكل كبير لذلك فإن توظيف التراث في الفن مهم عندنا لأننا بحاجة لأن نظهر تراثنا وموروثاتنا الشعبية للعالم، وكل الدول التي نجحت في الفنون على سبيل الذكر لا الحصر الهند لأنها ركزت على ثقافتها وتراثها الشعبي، ونحن نحتاج إلى أن نفعل مثلما فعلوا، ونحتاج عند استخدامنا للتراث أن نوظفه بطريقة حديثة تشد الجمهور وتجعلهم بحبون التراث لأن ارتباط الأجيال الحالية بالماضي ليس ارتباطا وثيقا حتى نعزز فيهم هذا التراث ولابد أن يتم طرحه بشكل فني حديث يؤصل هذه الثقافة في المجتمع.محمد العتيق: التراث إذا كان متأصلا في الفنان لن يزعزعه أحد قال الفنان التشكيلي محمد العتيق: لم يكن اختيار مواضيع التراث في مشاركاتنا الدولية من باب الإلزام والشرط وإنما اختياري على أن يتم طرحه بشكل معاصر يواكب طرق العروض الحديثة ومعالجتها، وهي تلفت الانتباه إلى هوية المشارك في ظل التحولات التي يشهدها العالم اليوم، والذي أصبح عائلة واحدة، ويعمل على إمكانيات وأدوات واحدة. وما يميز هذه المشاركات هو الموضوع والفكرة. والتراث إذا كان متأصلا في الفنان لن يزعزعه أحد من ذاكرته. وأشار محمد العتيق إلى أن معرض "خشب" الذي قدمه للسفن التقليدية جاءت نسبة إلى إطلاق الكلمة قديما على السفن الخشبية، حيث كانت الكلمة متداولة قديما بشكل كبير. وأكد أنه حرص في هذا المعرض على الاستفادة من مصطلحات التراث البحري القطري وتسليط الضوء عليه للاستلهام منه واستذكاره عبر الرسم الحي للسفن التقليدية.More Related News