فلسطينية دفعتها الحروب إلى عالم الفن والطب
Al Sharq
خوف وألم كبيران سيطرا على قلب الفلسطينية إيمان فتيحة حين كانت في العاشرة من العمر، حيث شنّ الاحتلال الصهيوني غاراته على قطاع غزة عام 2008، لم يكن حالها مختلفًا عن
خوف وألم كبيران سيطرا على قلب الفلسطينية إيمان فتيحة حين كانت في العاشرة من العمر، حيث شنّ الاحتلال الصهيوني غاراته على قطاع غزة عام 2008، لم يكن حالها مختلفًا عن بقية الأطفال الذين عاشوا العدوان من حولها، والذين عانوا من كثير من المشكلات النفسية، لكن الفرق برز في انعكاس ذلك الخوف على شخصيتها وميولها، فقد أنتج إبداعًا ورسومات وفنًا حزينًا على الورق يروي حكاية أطفال فلسطين الذين يعيشون حالات الرعب بين الفترة والأخرى، لتظهر شفافية قلبِها ونقائه. تقول إيمان لـ"الشرق": رحت أرسم ألسنة اللهب والدّخان، وسيارات الإسعاف وصراخ الأهالي ومحاولات النجاة، ودموع المقهورين ومشاهد الدماء التي بللت الأرض مقابل الإجرام الصهيوني الذي لا يرحم، وفي ذات الوقت كانت روحي تهرب إلى رسم المناظر الطبيعية والخُضرة والجَمَال". وتضيف: "لقد بات الفنُّ في حياتِي ملجئي وتوجهي للتفريغ النفسي تشبّثتُ به لردم الخوف والألم بداخلي". وتروي: "في العدوان الإسرائيلي الذي شنه الاحتلال على قطاع غزّة عام 2014، سقطت قذيفةٌ من قذائف القصف العشوائي على بيتنا، لكن رعاية الله كانت تحوطنا فلم يُصب أحد من العائلة بأذى، حيث قدّر لنا اللهُ أن نخرج من منزلنا قبل بضع دقائق من سقوط القذيفة، وكنت حينها في السادسة عشرة". وتكمل:" لكن كثيرين من أهل القطاع استشهدوا ومن لم يستشهد فقدَ أخًا أو حبيبًا أو بيتًا، رأيت الجرحى والشهداء والأوجاع التي يعيشها الفلسطيني في القطاع، ما جعل بداخلي رغبةً وأملًا في مساعدتهم بأي طريقة ممكنة". تلك الطفلةُ المجتهدة والمميزة في مدرستِها، تاهت في تفكيرِها بالتخصص الدراسي المستقبلي ما بين اختيار دواء الروح المتمثل في الفن، ودواء الجسد المتمثل في الطب، لتنتهي إلى اختيار كلية الطب، تعلق: "قررت الالتحاق بكلية الطب لأكون عونًا لأبناء شعبي، خاصة وأننا في بلد الحروب والنزاعات، كيف لا وكل الحروب هي من شكلت شخصيتي؟ لقد وجدت روحي في ذلك التخصص الذي يمكنني من تقديم شيء لأبناء وطني المُحتل والمقهور". وتوضح: "الاحتلال يسعى دومًا لقتلنا سواء بقتل أجسادنا أو قتل روحنا النفسية وما في دواخلنا، وأنا هنا كي أبين للاحتلال أنه مهما سعى لذلك، فإنه لن ينجح وسيجد الفلسطينيين جميعًا يناضلون من أجل الوقوف والصمود والاستمرار، وأنا واحدة منهم، فالاحتلال لم ينجح بقتل نفسي ومشاعري الجميلة رغم كل الاعتداءات على قطاع غزة، بل على العكس لقد تخضبت روحي بدماء الشهداء وصرخات الأمهات وأوجاع الجرحى ونضجت لأهبهم حياة جديدة بأمر الله وإرادته من خلال عملي طبيبة". اليوم تقف إيمان في سنتها الدراسية السادسة برفقة الأطباء تساعدهم في إجراء العمليات الجراحية بملامح قوية صلبة، وقلب عصيٍّ عنيد، فيما تحمل بين ضلوعها قلبًا حنونًا أرق من زهور الياسمين، وكلما استسلم قلبُها لمشاعرها الجميلة أو تراكمت عليها الضغوطات الكثيرة أمسكت بالقلم والألوان وباحت بألطف الرسومات.More Related News