
رغم امتلائها بالأكاذيب.. لماذا نقع في غرام كتب السير الذاتية؟
Al Jazeera
ينتقي الكاتب ما يريدك أن تطَّلع عليه، فهو يكتب وهو واعٍ بوجودك، بفضولك المحموم للتلصُّص عليه، هو مَن يُحفِّر هذا الثقب في جدار حياته، ويتحكَّم في مدى اتساعه. ثم تسقط في حب ما يطلعك عليه!
تبدو السير الذاتية كأنها فتحة في جدار، أو ثقب في باب نتلصَّص منه على حياة أخرى، وهي فرصة لارتداء عباءة ذات أخرى وعيش تجاربها. في كتابه "السيرة الذاتية: مقالات نظرية ونقدية" الصادر عام 1980، يكشف جيمس أولني عن جانب من تفسير الجاذبية الخاصة بكتب السيرة الذاتية، مُتحدِّثا عن ذاك الافتتان الذي لا ينضب بالذات وعمقها وألغازها التي لا تنتهي. (1)
السيرة الذاتية (Autobiography) هو مصطلح مشتق من ثلاث كلمات يونانية: "auto" وتعني الذات، و"bio" أي الحياة، وأخيرا "graphy" وتعني كتابة. لا يمكننا تحديد البداية الحقيقية لنشأة الكتابة عن الذات، فقد ظهرت في رغبة الإنسان القديم في تسجيل ما يحدث له على جدران الكهوف، وهي الرغبة التي دفعته إلى تحويل الرسوم والنقوش إلى حروف لغات مكتوبة، وكأن الحكي غريزة أولية ورغبة ظهرت منذ الأزل. يمكننا أن نجد هذه الحكايات في برديات الفراعنة وعلى جدران معابدهم، وفي الوثائق اليونانية القديمة، وفي كل أثر يحتفي بحكاية الإنسان الفرد.
