رسالة وزارية في بريطانيا تثيرغضب المنظمات الفلسطينية
Al Sharq
في خطوة هي الأولى من نوعها، سعت وزارة التعليم البريطانية إلى التوغل في تقويض حرية التعبير داخل المدارس البريطانية بشأن التضامن مع القضية الفلسطينية، حيث أرسل وزير
في خطوة هي الأولى من نوعها، سعت وزارة التعليم البريطانية إلى التوغل في تقويض حرية التعبير داخل المدارس البريطانية بشأن التضامن مع القضية الفلسطينية، حيث أرسل وزير التعليم جافن ويليامسون، قبيل الإطاحة به في التعديل الحكومي، رسالة إلى جميع مدراء المدارس البريطانية يدعوهم إلى عدم التعامل مع المؤسسات الداعمة للقضية الفلسطينية والتي تشكك في حق إسرائيل في الوجود، وعدم استخدام المواد التعليمية التي تدعو لذلك وتطلب رسالة الوزارة في المقابل، الترويج لمؤسسات داعمة لإسرائيل في بريطانيا مثل مؤسسة "Community Security Trust". وقوبلت هذه الخطوة بردود أفعال غاضبة من قبل المنظمات الفلسطينية والمؤسسات الداعمة لها في المملكة المتحدة، حيث تحركت مؤسسة "CAGE" القانونية البريطانية وقدمت طعنا قانونيا ضد رسالة وزارة التعليم تطالب برفض هذه الخطوة التي تعتبر تقويضا لحرية التعبير لدى الطلاب الفلسطينيين في المدارس البريطانية والطلاب المؤيدين للقضية الفلسطينية داخل هذه المدارس.* حرية التعبير والرأي وفي تعليقه على هذه الخطوة من قبل وزارة التعليم البريطانية، أكد رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني زاهر بيراوي في تصريحات خاصة لـ"الشرق" أن هذه الخطوة من قبل وزارة التعليم تعتبر خطيرة تتنافى مع حرية التعبير والرأي وتتنافى مع حقائق التاريخ، حيث إنها تمنع الطلبة الفلسطينيين والطلبة المؤيدين للقضية من التعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة أمام باقي الطلبة في المدارس البريطانية، وقال "أعتقد أن خطوة بعث هذه الرسالة من قبل وزارة التعليم تمثل بلا شك محاولة لتشكيل الخطاب التربوي حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، عبر فرض نوع من الرقابة على النقاش الحر للطلبة حول القضية الفلسطينية. وتحاول الوزارة البريطانية عبر هذه الرسالة منع الانتقاد للأيديولوجية الصهيونية داخل المدارس البريطانية، وتقليل المساحة المتاحة للطلبة الفلسطينيين والطلبة المؤيدين للقضية بشكل خطير داخل حلقات النقاش الحر الدائرة في المدارس".* الحياد السياسي وأضاف قائلا في تصريحاته: نحن في المنتدى كتبنا إلى وزير التعليم جافن ويليامسون وعبرنا عن القلق إزاء هذه الرسالة التي بعث بها إلى مدراء المدارس البريطانية بشأن التعامل مع الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي. وطالب رئيس المنتدى زاهر بيراوي وزارة التعليم باحترام الحياد السياسي إزاء القضية الفلسطينية، وأن تسمح للطلبة الفلسطينيين والطلبة المؤيدين للقضية بممارسة حقوقهم في حرية التعبير والرأي في المدارس بشكل لا لبس فيه. كما دعا إلى التوقف عن تدخلاتها السياسية والضغط الذي تمارسه على سلطات إدارة المدارس البريطانية في مواجهة التعبير عن القضية الفلسطينية للطلاب داخل المدارس، مضيفا "يجب التوقف عن سياسة تضييق الخناق على المتضامنين مع فلسطين وضمان بيئة آمنة للطلاب للتعبير عن حقهم المطلق في سرد الرواية الفلسطينية وعرض تجارب الفلسطينيين المريرة من القمع منذ الاحتلال الإسرائيلي والتعبير عن دعمهم لهذه المعاناة غير الإنسانية".* طعن قانوني ومع ظهور هذه الرسالة وتناقلها في وسائل الإعلام، بدأت المؤسسات والمنظمات الحقوقية والقانونية التحرك لمنع مثل هذه الخطوات التي تضغط على المدارس لمنع حرية التعبير للطلاب المتضامنين مع القضية الفلسطينية، حيث تحدت مؤسسة "CAGE" رسالة وزير التعليم، وقدمت طعنا قانونيا تطالب فيه وزارة التعليم بوقف تدخلاتها الأمنية لمنع حرية التعبير والتضامن مع القضية الفلسطينية داخل المدارس.
وذكر بيان صادر من المؤسسة الحقوقية في لندن أنها تعاملت مع 47 حالة من الطلاب والمدرسين في المدارس البريطانية منذ مايو الماضي وحتى الآن، والذين تم مراقبتهم ومنعهم من التعبير عن آرائهم المتضامنة مع الفلسطينيين. وأشارت المؤسسة البريطانية إلى أن بعض المدارس بدأت في منع الطلاب من ارتداء أو إظهار شارات أو أي لون من ألوان العلم الفلسطيني كما قامت بعض المدارس بفصل عدد من الطلاب والمعلمين لارتدائهم شارة فلسطين، كما تم منع عدد من الطلاب من استخدام حساباتهم الشخصية على الإنترنت لمناقشتهم القضية الفلسطينية مع أصدقائهم. وأشار البيان إلى أن المؤسسة الحقوقية تقدمت بتوصيات إلى المدارس التي قامت بهذه الإجراءات التعسفية بحق الطلاب المتضامنين مع فلسطين، جاء على رأسها رفض الطابع الأمني للتعامل مع النشاط الفلسطيني وخلق بيئة حرة للحوار والنقاش لجميع الطلاب بشأن القضية الفلسطينية، كما طالبت المؤسسة البريطانية بوقف التدخلات الاستبدادية في قطاع التعليم ومحاولات تقييد حرية التعبير بين الطلاب بشأن القضية الفلسطينية. وأكدت المؤسسة أن كافة أنواع التضامن مع فلسطين من جمع تبرعات والاحتجاج ورفع العلم الفلسطيني وارتداء الكوفية الفلسطينية أصبحت في خطر مع هذه الرسالة الصادرة من وزارة التعليم البريطانية. وأضافت أن المثير للقلق وجود حالات تم فيها رفع تقارير أمنية عن طلاب تضامنوا مع فلسطين بموجب سياسة مكافحة التطرف والمعروفة باسم "Prevent".* في مقدمة الاحتجاجات وجاءت الخطوة الوزارية المثيرة للجدل، عقب تزايد التضامن مع فلسطين بين جميع فئات المجتمع البريطاني وفي مقدمتهم طلاب المدارس، حيث خرج مئات الآلاف من الأشخاص في الشوارع البريطانية احتجاجا على الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة والقدس المحتلة وأعرب العديد من طلاب المدارس عن تضامنهم الكامل مع الفلسطينيين، وبدأت الملصقات تنتشر في داخل المدارس البريطانية وأصبحت الكوفية والعلم الفلسطيني أكثر شعبية بين طلاب المدارس، كما تم تزايد الأنشطة والفعاليات النقاشية حول القضية الفلسطينية داخل المدارس البريطانية. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يشارك فيها طلاب المدارس بشكل كبير في الاحتجاجات ضد الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين منذ مايو الماضي، ومن 10 وحتى 21 من مايو الماضي تعرض قطاع غزة للقصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى استشهاد 256 فلسطينيا وإصابة 2000 فلسطيني، وتدمير البنية التحتية الهشة للقطاع، وهذا الأمر أدى إلى تزايد الإدانات الدولية والاحتجاجات العالمية وعلى رأسها احتجاجات الشارع البريطاني التي أصبحت العلامة البارزة للاحتجاج ضد الاحتلال الإسرائيلي.* الرسالة الوزارية وتضمنت رسالة وزير التعليم البريطاني عددا من التوصيات الموجهة لمدراء المدارس البريطانية بشأن التعامل مع القضية الفلسطينية في حلقات النقاش بين الطلاب، حيث دعت الرسالة إلى الامتناع عن العمل مع منظمات تدعو علانية إلى التشكيك في حق إسرائيل في الوجود، كما تدعو التوصيات في الرسالة إلى الترويج لمنظمات مثل منظمة "CST" المدافعة عن إسرائيل في بريطانيا، حيث ذكرت الرسالة أن هذه المنظمة تدرس موضوع القضية الفلسطينية بشكل متوازن، كما تدعي، وخالية من الروايات المعادية للسامية، ودعت الرسالة المدراء إلى الترويج لمنظمة "CST" التي تمنع النقاش الأكاديمي حول نزع الملكية والقمع والفصل العنصري الذي عانى منه الفلسطينيون على مر العصور وما زال مستمرا حتى اليوم، مما يمنع النقاش أو عرض أي آراء للطلاب عن صلب القضية الفلسطينية والبقاء على تعاون بين الجانبين دون المطالبة بمحاسبة أو حقوق، وجاءت رسالة وزير التعليم البريطاني على خلفية تصعيد الهجمات ضد الطلاب الذين أعربوا عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية، وازدياد مثل هذه الهجمات، حيث باتت أكثر وضوحا منذ تصعيد إسرائيل للعنف في قطاع غزة والقدس المحتلة في مايو الماضي.