د. حمدة حمد النعيمي في حوار لـ «العرب»: 58.3% نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل
Al Arab
أكدت الدكتورة حمدة النعيمي - كبير اختصاصي البرامج والخدمات المهنية في مركز قطر للتطوير المهني عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على الدور البارز للمرأة
أكدت الدكتورة حمدة النعيمي - كبير اختصاصي البرامج والخدمات المهنية في مركز قطر للتطوير المهني عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على الدور البارز للمرأة في قطر بسوق العمل، مشيرة إلى أنها باتت منافساً قوياً على شغل أعلى المناصب الإدارية والعلمية.
كيف تقيمون مساهمة المرأة في سوق العمل في قطر؟ - تشغل المرأة دوراً بارزاً في دولة قطر، وباتت منافساً قوياً على شغل أعلى المناصب الإدارية والعلمية، كما بذلت جهوداً كبيرة وملموسة في شتى المجالات داخل المجتمع القطري وخارجه، بدعم من قيادة الدولة الرشيدة التي تؤمن إيماناً عميقاً بمكانة المرأة، وقدراتها في كافة المجالات. ولا بد، في هذا المقام، أن نسترجع الدور الكبير الذي قامت به صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، خلال مسيرتها، إذ أحدثت تغييرات ملموسة في مجالات التعليم والمجتمع في دولة قطر، ومثّلت القوة الدافعة وراء عدة مشروعات تنموية على المستويين المحلي والدولي. واليوم، نجد أن هذه الجهود قد أثمرت زيادة في نسبة مشاركة المرأة في القوة العاملة، وهو ما أكده صندوق النقد العربي في دراسة أصدرها حديثاً، وسجل فيها لقطر أعلى مستويات لمشاركة المرأة في سوق العمل، بنسبة 58,3%، وهي أعلى زيادة تشهدها الدولة بنحو 17.4 نقطة مئوية، علماً بأن المؤشرات الدولية أظهرت انخفاض نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في الوطن العربي مقارنة بالمتوسط العالمي. كم تبلغ نسبة خريجات الجامعة من إجمالي الخريجين؟ - نجحت الجهود الكبيرة المبذولة لدعم تعليم الإناث، وفقاً لرؤية قطر 2030، في سد الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بالالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة. وصرنا اليوم نجد أن معدلات التحاق الإناث بالتعليم العالي في الدول تميل بوتيرة ثابتة لصالح الإناث بشكل كبير، وهو ما لحظه أحد التقارير الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس). وتُظهر البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز التخطيط في قطر، أن نحو 70% من الخريجين من مختلف الكليات مثل الهندسة والطب والقانون والاقتصاد والآداب والعلوم وغيرها كانت من الإناث، كما تميل معدلات الالتحاق بجامعات المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لصالح الإناث. ما الأسباب التي قد تعوق انضمام القطريات لسوق العمل؟ - على الرغم من تسجيل صندوق النقد العربي أعلى مستويات لمشاركة المرأة في سوق العمل في قطر، إلا أن ذلك لا يمنع وجود بعض المعوقات التي يمكن أن يساعد تخطيها في رفع هذه النسبة بشكل أكبر. فمن التحديات التي تواجه مشاركة المرأة العربية بشكل عام، ومنها قطر، هي ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بعد التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم نتيجة جائحة كورونا، التي غيّرت نماذج العمل في الكثير من المجالات. لذلك، باتت الإناث اللواتي يبدين رغبةً في الخروج إلى سوق العمل يواجهن صعوبات كبيرة في النفاذ لفرص العمل، سواء في ضوء الأوضاع الاقتصادية وما تفرضه من ارتفاع لمعدلات البطالة، أو لطبيعة أسواق العمل مما ينعكس بدوره على مستويات البطالة التي تعتبر مرتفعة بالقياس بالمعدلات العالمية. هذا إلى جانب مجموعة من الأسباب والعوامل الأخرى، منها العبء الأسري الملقى على عاتق المرأة بشكل أكبر، وعدم مساهمة الرجل في تربية الأطفال، إلى جانب عدم فرض أجور متساوية في سوق العمل، بحيث يمكن أن تشعر المرأة بأن خروجها من المنزل لا يعود عليها بنفس العائد. وتشير منظمة العمل الدولية إلى أن الافتقار إلى مرافق الرعاية والنقل الآمن يعيق بشكل أكبر حصول المرأة على عمل. كما أن عدم التطابق بين المهارات وطلب السوق، فضلاً عن تدني الأجور والافتقار إلى فرص عمل جذابة كثيراً ما يضاعف المشاكل التي تواجهها المرأة في عالم العمل. وفي دراسة بحثية أجريناها قبل سنوات، وجدنا أن هناك بعض التناقضات بين الفرص المتاحة للخريجين وتلك المتاحة للخريجات، فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها الخريجات في الانخراط في المسار المهني المفضّل لديهنّ. تعبّر العديد من الخريجات عن شغفهن بتطوير قدراتهن الشخصية وحرصهنّ الشديد على المساهمة بنشاط في مكان العمل، ولكنهنّ غير قادرات على خوض المسار المهني المفضّل لديهنّ بسبب الحواجز والتقاليد الثقافية التي يواجهنها. وفي هذا الصدد، أشارت الدراسة إلى أنّ 51% من الطالبات أبدَين تفضيلاً للمسارات المهنية القائمة على الهندسة، مقارنة بنسبة 49% من الطلاب؛ غير أنّ العديد منهنّ لم يَنَلن التشجيع الكافي للانخراط في هذه المسارات المهنية، نظرًا لأنها تعتبر خيارات مهنية غير مناسبة للإناث. وقد أدّى ذلك إلى عدم الاستفادة من قدرات شريحة واسعة من الخريجين وبقاء الطالبات بالتالي عاطلات عن العمل. لذا من الضروري بذل المزيد من الجهود لتمكين الخريجات من الانخراط في المسارات المهنية المفضّلة لديهنّ، التي يمكن أن تسهم في تحقيق رؤية قطر الوطنية وأهدافها. ماذا تقترحون للتغلب على هذه التحديات؟ - يجب العمل على تأسيس بيئة داعمة لحضور ومشاركة المرأة في مختلف المجالات، بما يمكنها من المساهمة في التنمية المستدامة، مع الحرص على رعاية وتقديم الحماية للأسرة ورعاية الأطفال، لتعزيز التوازن في بيئة العمل. ومن النقاط الأساسية التي يجب العمل عليها هي التنشئة الصحيحة للأجيال على مبدأ التساوي في الحقوق، ورفع الوعي المجتمعي حول أهمية دور ومشاركة المرأة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدستور القطري يحظر التمييز ضد المرأة، كما أن قطر تتصدر دول المنطقة في مؤشرات المساواة بين الجنسين، بما فيها أعلى معدل لمشاركة المرأة في القوى العاملة، والمساواة في الأجور في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى أعلى نسبة لالتحاق الإناث بالجامعات. وقد وسّعت رؤية قطر الوطنية 2030، خيارات المشاركة للنساء في مختلف مجالات التنمية، وأولت اهتمامًا كبيرًا لقضايا بناء القدرات وتوفير العمل اللائق وفق خيارات تتيح للمرأة المواءمة بين أدوارها في الأسرة والحياة العامة، إلى جانب تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية. وتم، لهذا الهدف، إنشاء وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، للعمل على تعزيز تكافؤ الفرص والنهوض بالمجال الاجتماعي. وفي دراسة أصدرناها سابقًا بعنوان «التخطيط والتوجيه المهني من أجل اقتصاد قطري مُستدام»، خرجنا بالتوصيات التالية: • وضع برامج تثقيفية تعالج الحواجز الثقافية التي تمنع المرأة القطرية من متابعة تطلعاتها المهنية. كما يجب إطلاق حملات عامة تعزز بشكل إيجابي المواقف الاجتماعية من خلال إعطاء قيمة أكبر لمساهمة المرأة في نمو اقتصاد حديث ومتنوع ومستدام، وكذلك إتاحة المزيد من فرص العمل للمرأة. • تشكيل لجان متخصصة تضم نساء قطريات ناجحات يشغلن مناصب قيادية ممن يمكنهن أن يكن نماذج يحتذى بها لإلهام الطالبات والخريجات والتأثير عليهن بغية الانخراط في المسارات المهنية التي يخترنها. • تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على تقديم حوافز وإعانات لخلق بيئات عمل «صديقة للمرأة»، وتوفير نهج أكثر مرونة للتوازن بين العمل والحياة. هل تتماشى نسبة القطريات المشاركات في سوق العمل مع نسبة الحاصلات منهن على مؤهلات دراسية عليا؟ - تشير الإحصاءات إلى أن الإقبال على التعليم العالي رفع نسبة مُشاركة المرأة القطرية في قوة العمل لتصل إلى 37% للنساء في سن (25 – 29 سنة)، وتقترب من 49%، للفئة العمرية (30 – 34 سنة). علماً بأن المرأة القطرية تشغل النسبة الأكبر في قطاعات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي. ونجد أن هناك إقبالا ورغبة من الخريجات للمساهمة بفعالية في عالم العمل، وعليه يجب تشجيع ذلك من خلال تزويدهن بقدر أكبر من المعرفة وفرص اكتساب مجموعات المهارات التي يمكن تسويقها في سوق العمل. ويمكن أن تشتمل مجموعات المهارات التدريب على المهارات الشخصية والمهنية والتقنية. ما الأضرار التي قد تقع على السوق بسبب عدم مشاركة المرأة؟ - يدرك الجميع الدور الحيوي والفعال الذي تقوم به المرأة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، لا سيما وأنها تعد نصف المجتمع. فبدون عمل المرأة لن يستغل المجتمع نصف طاقته البشرية، بما ينعكس على الوصول إلى التنمية والرفاهية المنشودة. ومن جانب آخر، تعكس ركيزة التنمية الاجتماعية في رؤية قطر الوطنية الحاجة إلى تعزيز دور المرأة وتمكينها لتكون عضوًا فاعلاً في المجتمع. = ما دور مركز التطوير المهني في التعريف بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل؟ - يتركز دورنا، كمركز متخصص في التوجيه المهني، في مساعدة جيل الشباب، من الذكور والإناث، وتوعيتهم بالتخصصات التي يحتاجها سوق العمل، إلى جانب دعمهم في التعرف على مهاراتهم الشخصية، وقدراتهم الذاتية التي يمكن أن تتوافق أو تتعارض مع التخصصات أو المسارات المهنية التي يمكن أن يرغبوا باتباعها. فمن المهم الربط بين مخرجات المؤسسات التعليمية المعتمدة في الدولة، مع الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، وهو ما يطرح تحديات جدية في توفر فرص العمل لجيل الشباب، بما يتوافق مع تخصصاتهم الجامعية. فالطالب قد ينفر من دراسة اختصاص مهم تحتاجه الدولة، أو يتردد تجاهه، نتيجة عدم كفاية المعلومات لديه عن هذا التخصص، أو لأنه يستقي معلوماته من مصادر غير متخصصة، الأمر الذي يمكن أن يسفر عن المزيد من تشوش الرؤية. من هنا فإن أحد أدوارنا يتمثل في تعريف الشباب بمختلف التخصصات، من خلال تنظيم مجموعة واسعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج الذي نقدمها، سواء كان تنظيم لقاءات مع أشخاص يعملون في التخصص المعني، وبرامج استكشاف طبيعة المهن حيث نرسل الطلاب إلى مؤسسات تعمل في القطاعات نفسها، للتعرف على متطلبات كل مهنة بشكل واقعي على الأرض. كما نعمل أيضاً على جانب أولياء الأمور، الذين لهم دور رئيسي في التأثير على قرارات أبنائهم الأكاديمية والمهنية. فنحن ننظر إليهم باعتبارهم المرشدين المهنيين لأبنائهم في المنزل. ولذا نعمل على تمكين الأهل، للإسهام في حياة أبنائهم الأكاديمية والمهنية، والتعرف على الطرق التي يمكنهم من خلالها مساعدتهم على اتخاذ القرارات الصائبة وليس التأثير على قراراتهم. ويجب أن نلتفت هنا إلى الأعراف الاجتماعية والثقافية الكاملة، والتي يمكن أن يكون لها تأثير على خيارات عمل الإناث، وجعلهن يترددن في تولي أنواع معينة من الوظائف، بسبب التوقعات المتصلة بطبيعة مهنة ما، والتي يمكن أن تكون غير حقيقية. هل تحقق القطريات نجاحاً ملموساً في قطاعات الاستثمار المختلفة، وما هي أبرز النشاطات التي يستثمرن بها؟ - المجالات الاقتصادية والاستثمارية هي من المجالات التي تحدَّت فيها المرأة القطرية نفسها، فحققت نجاحات كبيرة. فنذكر مثلاً أن الشيخة هنادي بنت ناصر آل ثاني، أدارت شركة الاستثمار الأولى التي أُنشئت في المنطقة، وأسست رابطة سيدات الأعمال القطريات، ووصلت إلى مناصب إدارية مهمة في مجال الأعمال، محققة كثيراً من النجاحات والتميز المالي والإداري في العمل. واليوم، نجد أن نحو 20% من السجلات التجارية في الدولة مسجلة باسم سيدات أعمال قطريات. بينما ارتفع عدد السجلات التجارية من 1400 سجل في عام 2015 إلى 4000 سجل تقريباً في عام 2020. أكدت الدكتورة حمدة حمد النعيمي – كبير اختصاصيي البرامج والخدمات المهنية في مركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع على الدور البارز للمرأة في قطر بسوق العمل، مشيرة إلى أنها باتت منافساً قوياً على شغل أعلى المناصب الإدارية والعلمية، وأن نسبة مشاركتها في القوى العاملة في زيادة، لافتة إلى أن 58.3% نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، محققة أعلى زيادة تشهدها الدولة بنحو 17.4 نقطة مئوية. وأشارت د. حمدة النعيمي في حوار لـ «العرب» إلى نجاح الجهود الكبيرة المبذولة لدعم تعليم الإناث وفقاً لرؤية قطر 2030، وأن معدلات التحاق الإناث بالتعليم العالي في الدول تميل بوتيرة ثابتة لصالح الإناث بشكل كبير، وأن نحو 70% من الخريجين من مختلف الكليات مثل الهندسة والطب والقانون والاقتصاد والآداب والعلوم وغيرها كانت من الإناث، إضافة إلى أن معدلات الالتحاق بجامعات المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر تميل لصالح الإناث. ونوهت إلى المشاركة الاستثمارية للمرأة القطرية في سوق العمل، موضحة أن نحو 20% من السجلات التجارية في الدولة مسجلة باسم سيدات أعمال قطريات، وأن عدد السجلات التجارية ارتفع من 1400 سجل في عام 2015 إلى 4000 سجل تقريباً في عام 2020، مشددة على أن دولة قطر تتصدر دول المنطقة في مؤشرات المساواة بين الجنسين بأعلى معدل لمشاركة المرأة في القوة العاملة والمساواة في الأجور في القطاع الحكومي وأعلى نسبة لالتحاق الإناث بالجامعات.