![دولة قطر ومنظمة الأمم المتحدة... نصف قرن من الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية](https://alarab.qa/get/maximage/20220918_1663507661-273.jpg)
دولة قطر ومنظمة الأمم المتحدة... نصف قرن من الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية
Al Arab
على مدار نحو خمسة عقود ومنذ انضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة في عام 1971، لم تدخر دولة قطر جهدا من أجل ترجمة الالتزامات التي ترتبت على انضمامها للمنظمة الدولية،
على مدار نحو خمسة عقود ومنذ انضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة في عام 1971، لم تدخر دولة قطر جهدا من أجل ترجمة الالتزامات التي ترتبت على انضمامها للمنظمة الدولية، وتجسد ذلك في تفاعلها وعملها الدؤوب، في إطار المجتمع الدولي، وبما يعزز التعاون المتعدد الأطراف. وتحرص دولة قطر على الإسهام في إنجاح أهداف هذه المنظمة الدولية، بل إنها لعبت دورا محوريا لتعزيز السلام والتنمية في العالم من خلال المساهمة في كافة الجهود لمواجهة التحديات العالمية والإقليمية وتخفيف التوتر في العلاقات الدولية. وخلال هذه المسيرة الممتدة قامت الدولة بالتصديق والانضمام إلى غالبية الاتفاقيات الدولية، فضلا عن حرصها على أن تكون عامل استقرار في المنطقة والعالم، ومصدرا لرفع الوعي بأهمية التعاون الإقليمي والدولي، باعتباره حجر الزاوية في تحقيق التنمية الاقتصادية واحترام الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان وتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، من خلال استضافة المؤتمرات والاجتماعات وورش العمل تحت مظلة الأمم المتحدة. وإدراكا من قيادة دولة قطر لمسؤوليتها كشريك في تنفيذ الالتزامات الدولية، اضطلعت بدور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي، لتعزيز الشراكة الدولية في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ودعم حوار الحضارات والأديان، والمساهمة في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وذلك بالتوازي مع توجهها بتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول، حيث تتمتع دولة قطر بعلاقات دبلوماسية مع غالبية دول العالم. وإيمانا من دولة قطر بدور الأمم المتحدة في الوصول إلى عالم آمن ومزدهر، فقد لعبت دورا فاعلا وإيجابيا على المستوى الدولي، من خلال عضويتها في الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة، ومنها بشكل خاص مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومجلس الأمم المتحدة للسكان ولجنة التنمية الاجتماعية ولجنة وضع المرأة، وتواصل دولة قطر جهودها ومبادراتها المختلفة لدعم المهام التي تنهض فيها المنظمات الدولية. وعلى الرغم من انضمام دولة قطر إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الأممية إلا أنها كانت حريصة بشكل خاص على التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2003 باعتبارها هي الصك العالمي الوحيد الملزم قانونا لمكافحة الفساد، كما أن قطر، التي تدعو دول العالم إلى العمل على تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عبر دعم جهود الوقاية والرقابة والمساءلة والشفافية، تدرك أن الاتفاقية الأممية تعد حجر الزاوية في جهد المجتمع الدولي لمكافحة هذه الآفة، وهي الوثيقة الأكثر شمولا وعالمية بشأن الفساد، وتنفيذها على أرض الواقع هو الضمانة لبناء مجتمعات سليمة ومزدهرة. وقد أدركت قطر أهمية مقاومة تلك الآفة الفتاكة، ومن هذا المنطلق بدأت في العمل على المستويات المحلية والدولية من أجل قيادة الجهود لمكافحة الفساد والجريمة وإعلاء قيم النزاهة والمصداقية في العالم. فعلى الصعيد الوطني، أقرت دولة قطر تشريعات تجرم هذه الظاهرة وتمنع وقوعها بشكل استباقي، كما خطت قطر خطوات واثقة وسريعة في منع ومحاربة الفساد من خلال الآليات المختلفة، التي تأتي تنفيذا لتوجيهات القيادة الرشيدة في البلاد، والتي أكدت على ضرورة محاربة الفساد بشتى الطرق والوسائل ومعاونة الدول الأخرى في تقوية ودعم برامجها الطموحة في مكافحة الفساد، حيث تحتل قطر مركزا متقدما بين دول العالم في مجال مكافحة الفساد، كما تعد النزاهة والشفافية من أهم مرتكزات وأهداف رؤية قطر الوطنية 2030. كما عملت قطر على اتخاذ الكثير من المبادرات العملية محليا لتعزيز قيم النزاهة ومحاربة الفساد والجريمة، حيث اتخذت خطوات مباركة لتعزيز الإطار المؤسسي المعني بالنزاهة والشفافية، وأصدرت قرارا بإنشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، وهي هيئة متخصصة لتعزيز النزاهة بهدف تحقيق الرقابة ونزاهة الوظيفة العامة ومنع وقوع الجرائم التي تمس المال العام أو الوظيفة العامة.
"جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد" وحرصا من دولة قطر ودعما للجهود الدولية والأممية الرامية إلى مكافحة الفساد، فقد أطلقت العديد من المبادرات ذات الصلة على المستوى الدولي منها إطلاق "جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد"، واستضافة مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتعزيز التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بمكافحة الفساد. وتعكس "جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد" ما تقوم به قطر التي ترفع لواء مكافحة الفساد، وتسعى بكل قوتها لمكافحة هذه الآفة التي تهدد المجتمعات انطلاقا من رسالتها السامية للإنسانية جمعاء، حيث يتم منح الجائزة للمتميزين في هذا الميدان. وفي إطار حرصها على إبراز الدور الجلي للمرأة وتمكينها وتعزيز حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، انضمت دولة قطر إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2009. وتؤكد دولة قطر حرصها الدائم على تنفيذ التزاماتها تجاه الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تكرس حقوق الإنسان للمرأة، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتشدد على أن مسألة النهوض بالمرأة تحظى بالأولوية في سياستها وذلك انطلاقا من الدور المحوري للمرأة في كافة مناحي الحياة، وينعكس ذلك من خلال الدستور الذي ينص على المساواة في الحقوق والواجبات العامة، والمساواة بين الجميع أمام القانون دون تمييز. كما تنوه إلى حرصها على دمج قضايا المرأة، ولا سيما تلك المتعلقة بتعزيز مشاركتها في صنع القرارات الاقتصادية والسياسية، وتوفير العمل اللائق، وتعزيز الحماية الاجتماعية لها في جميع الاستراتيجيات والخطط الوطنية بما فيها رؤية قطر الوطنية لعام 2030، والاستراتيجية العامة للأسرة. وقد تمكنت المرأة القطرية من قطع شوط كبير في مجال مشاركتها في مختلف مجالات الحياة، وذلك بفضل الإرادة السياسية القوية لقيادة دولة قطر الحكيمة الداعمة لتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في عملية التنمية البشرية، حيث تعد قطر من أوائل الدول التي شجعت على تعليم الفتيات في منطقة الخليج منذ عام 1938 بوجود أول مدرسة للبنات في بيت الفاضلة السيدة آمنة الجيدة الملقبة اليوم بهرم التعليم، ومازالت الدولة ليومنا هذا تضع التعليم وبالأخص تعليم الفتيات ضمن أولويات سياستها ومساعداتها التنموية في الداخل والخارج. كما أن دولة قطر هي من أوائل الدول في المنطقة التي منحت المرأة حق الانتخاب والترشيح، وحاليا تتبوأ المرأة القطرية بجدارة مناصب عليا في الدولة كوزيرات وقاضيات وسفيرات ورئاسة الجامعات، فضلا عن تعيينها في منصب وكيل نيابة عامة، والعمل أيضا في سلك الشرطة والحفاظ على الأمن. ودائما ما تثمن دولة قطر شراكتها الاستراتيجية مع الأمم المتحدة، ولطالما عملت من أجل تحقيق أهدافها ومبادئها، بما في ذلك الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، ولتحقيق ذلك سارعت دولة قطر إلى الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1989. وفي هذا الصدد، جددت دولة قطر التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي من أجل الإزالة الكاملة للأسلحة النووية، وتحقيق السلم والأمن الإقليمي والدولي، مؤكدة أهمية الالتزام الصارم والتام بجميع التعهدات وتنفيذ الالتزامات القانونية المترتبة على الاتفاقيات الدولية في مجال نزع السلاح النووي وعدم الانتشار النووي. وشددت على أهمية أن يكون تطوير برامج الطاقة النووية السلمية بشكل مسؤول، والالتزام بتدابير الضمانات الشاملة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل ضمان أعلى معايير السلامة والأمن في عالم يشكل فيه الانتشار النووي مصدر قلق كبير ويهدد مستقبل الأجيال القادمة. ودائما ما تؤكد دولة قطر على أن انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط يعد بعدا إضافيا للتحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة، مشددة على أن إخلاء هذه المنطقة من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار المنشود إقليميا ودوليا، مشيرة إلى القرار الصادر عن مؤتمر المد اللانهائي والمراجعة لمعاهدة منع الانتشار النووي لعام 1995 الذي اعتبر إخلاء منطقة الشرق الأوسط هي إحدى الركائز الجوهرية لصفقة المد اللانهائي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ولأن المخاطر البيئية لم تعد تشكل خطرا يهدد المستقبل فقط، بل أصبحت أيضا واقعا يهدد حياة الأجيال الحاضرة وفرضت نفسها بقوة على كافة المستويات الدولية والإقليمية، فقد انضمت دولة قطر قبل أكثر من ربع قرن (1996) إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لعام 1992 بشأن تغير المناخ. وفي هذا الصدد، أكدت دولة قطر على الحاجة الملحة لحشد الجهود واتخاذ إجراءات عاجلة وجادة، وإبداء المزيد من الإرادة السياسية لمواجهة التحديات التي يطرحها تفاقم الظواهر الجوية وتغير المناخ والكوارث الطبيعية، التي تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين، وعائقا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولم تتوان دولة قطر يوما عن الاضطلاع بدورها كشريك فاعل في الأسرة الدولية للتصدي لآثار تغير المناخ، انطلاقا من إيمانها بأهمية العمل الدولي المتعدد الأطراف، وقد شكل عام 2012 محطة هامة لدور دولة قطر الريادي في هذا الإطار من خلال استضافتها الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ومشاركتها فيها بشكل فاعل. ويبرز الموقف القطري الداعم للجهود الدولية في مكافحة التغير المناخي، في تخصيص وزارة للبيئة والتغير المناخي، من ضمن اختصاصاتها الحد من الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، ما يؤكد الاهتمام المستمر والدعم اللامحدود الذي يوليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى - حفظه الله ورعاه - لقضية البيئة والمناخ. ويدلل على هذا الاهتمام كذلك مشاركة سمو أمير البلاد المفدى في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26)، في مدينة غلاسكو الإسكتلندية. كما وقعت دولة قطر مؤخرا مذكرة تفاهم مع المعهد العالمي للنمو الأخضر، بشأن التعاون في مجال التكيف مع تغير المناخ والنمو الأخضر، علما بأن قطر عضو مؤسس في هذا المعهد الذي يساعد البلدان النامية على اتباع استراتيجيات تنمية مبنية على أسس الاستدامة، ما يؤكد الاهتمام والدعم المستمر لقضية البيئة وتغير المناخ، والذي وضع دولة قطر في مكانة مميزة كعضو فاعل وحيوي في جميع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالبيئة والمناخ، ومساهمتها في دعم جهود البلدان النامية لمكافحة التأثيرات المترتبة على تغير المناخ. ويتضح اهتمام قطر بقضية البيئة والتغير المناخي أيضا في تعيين مبعوث خاص لوزير الخارجية لشؤون التغير المناخي والاستدامة، وفي تضمين قطر قضية البيئة والتغير المناخي في رؤيتها الوطنية 2030، التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وطموح الدولة لبلوغ مركز قيادي في المنطقة من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات التي تساهم في الجهود المبذولة، لخفض الملوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.