دافوس الاقتصادي .. قادة العالم يناقشون التحديات الراهنة وتطلعات المستقبل تحت سقف واحد
Al Sharq
بعد غيابه لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، يعود منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لعقد اجتماعاته السنوية حضوريا بمنتجع دافوس الجبلي بسويسرا، اعتبارا من يوم غد /الأحد/ وحتى
بعد غيابه لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، يعود منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لعقد اجتماعاته السنوية حضوريا بمنتجع دافوس الجبلي بسويسرا، اعتبارا من يوم غد /الأحد/ وحتى الخميس المقبل، حيث سيعقد هذا العام تحت شعار "العمل معاً واستعادة الثقة". ويشارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في أعمال المنتدى انطلاقا من حرص دولة قطر على التفاعل والحضور بالفعاليات والمناقشات والحوارات العالمية التي تتناول القضايا المعاصرة واهتمامات الأسرة الدولية سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وغيرها. وسيلقي صاحب السمو الأمير المفدى كلمة أمام هذا الملتقى الاقتصادي العالمي الكبير، للتأكيد على مواقف دولة قطر وسياساتها الثابتة تجاه المسائل والقضايا والملفات المدرجة على جدول أعمال الدورة الجديدة للمنتدى التي سيحضرها هذا العام أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى نحو 1250 شخصا من قادة القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والمبتكرين ورواد التكنولوجيا، وذلك لمعالجة القضايا العالمية، وإيجاد حلول للتحديات الدولية الأكثر إلحاحاً، بما في ذلك الجائحة العالمية المستمرة، والحرب في أوكرانيا، والصدمات الجغرافية والاقتصادية وتغير المناخ. وأوضح مؤسس المنتدى السيد كلاوس شواب، أنه بعد كل الاجتماعات الافتراضية للمنتدى خلال العامين الماضيين، يتعين على القادة السياسيين والفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال والمجتمع المدني الاجتماع مرة أخرى وجها لوجه، لافتا إلى أن المنتدي يتضمن، كما جرت العادة في المنتديات السابقة، كلمات لعدد من القادة، بالإضافة لحلقات نقاشية مع رجال الأعمال والقطاع الحكومي وشخصيات عالمية بارزة. إلى ذلك، يقول منظمو المنتدى إن الدورة الجديدة لدافوس هي نقطة انطلاق لعصر جديد من المسؤولية والتعاون العالمي، حيث سينصب التركيز خلالها على وضع استراتيجيات للتأثير، وبناء آفاق جديدة، وخلق سيناريوهات مستقبلية قابلة للتطبيق، وتقديم حلول طموحة لأكبر القضايا في العالم، مشيرين إلى أن جدول الأعمال يشمل التعافي من الجائحة، والتصدي للتغيّر المناخي، وبناء مستقبل أفضل للعمل، وتسريع رأسمالية أصحاب المصلحة، وتسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وكان المنتدى قد أصدر مطلع العام الجاري التقرير العالمي للمخاطر لعام 2022، والذي وضع فشل العمل المناخي والطقس المتطرف وفقدان التنوع البيولوجي على قائمة المخاطر الثلاثة الأكثر خطورة على العالم خلال العقد المقبل، لكنه اعتبر أن انخفاض الانبعاثات عام 2020 أثبت أن العمل المناخي أمر ممكن، كما بين أن الاستجابة الجماعية للتصدي لجائحة كورونا أقام الدليل على أن عمل الأسرة الدولية بشكل جماعي أمر ممكن، ويؤكد أن الوقت مازال متاحا لإنقاذ الكوكب وبلوغ صافي الانبعاث الغازي لصفر بالمئة، ولتحقيق تحول طاقي نظيف، ولوضع المناخ والطبيعة في قلب خطط التعافي العالمي. وعلى خلاف ذلك، شدد التقرير على أن عدم المساواة في اللقاحات والتضخم، وخاصة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، يهددان بتوسيع الفجوات بشكل أكبر أمام التعافي، معتبرا أنه لا يجب فقط تحقيق الاستقرار في الاقتصادات، ولكن وجب أيضاً التأكد من أنها مرنة وعادلة، وتوفر الحراك الاجتماعي والوظائف، والفرص المتكافئة للجميع.
من جهته، يرى صندوق النقد الدولي أن الحرب في أوكرانيا تبطئ وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي، حيث ذكر، في تقرير جديد نشره الشهر الماضي، أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الصراع ستؤدي لتباطؤ ملحوظ بالنمو العالمي، وارتفاع مستويات التضخم خلال العامين الحالي والمقبل، مشيراً إلى أن أسعار الوقود والغذاء شهدت زيادة سريعة، ووقع تأثيرها الأكبر على الفئات السكانية الضعيفة بالبلدان منخفضة الدخل. وأكد الصندوق، في تقريره، أن الجهود متعددة الأطراف ستكون ضرورية للاستجابة للأزمة الإنسانية، وللحيلولة دون استمرار حالة التشتت الاقتصادي، وللحفاظ على مستويات السيولة العالمية، ولإدارة المديونية الحرجة، ولمواجهة تغير المناخ، وللقضاء على الجائحة. في غضون ذلك، توقع منتدى دافوس أن تفقد المدن حول العالم أربعة وأربعين بالمئة من انتاجها المحلي، بما يعادل 31 تريليون دولار، بسبب مخاطر الطبيعة وتغيرات المناخ، مبينا أن المدن تساهم بنسبة ثمانين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكنها مسؤولة عن خمسة وسبعين بالمئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، إذ يمكن لها أن تلعب دوراً هاما في إطلاق العنان للفرص الاقتصادية من خلال الحلول المستندة إلى الطبيعة. وأشار المنتدى إلى أن الاستثمار بالبنية التحتية المقاومة للمناخ، عبر إنفاق 583 مليار دولار، ستساعد بخلق 59 مليون وظيفة بحلول 2030، وتخفيف المخاطر المتزايدة الناجمة عن الطقس القاسي، في وقت تبلغ فيه استثمارات استراتيجيات تنقية اقتصادات العالم من انبعاثات الكربون بشكل شامل، نحو 130 تريليون دولار تقريبا، حسب تقرير سابق لوكالة الدولية للطاقة المتجددة. ويستضيف منتجع دافوس، الواقع جنوب شرقي سويسرا، الدورات المتكررة لهذا الحدث العالمي الكبير منذ تأسيسه عام 1971 باستثناء دورة واحدة كانت قد استضافتها نيويورك الأمريكية عام 2002 للتعبير عن التضامن مع ضحايا هجوم الحادي عشر من سبتمبر. ويهدف المنتدى إلى تحقيق استقرار العالم سياسياً واقتصادياً، وتوفير قاعدة للتواصل، وتبادل الأفكار بين المشاركين فيه، كما أنه يعد فرصة هامة لتوثيق العلاقات الثنائية بين مختلف الدول والشركات العالمية، علما أن دورته الأولى لم تتضمن جدول أعمال محدد بين العدد المحدود من المشاركين الذي لم يتعدى المئة شخصية ينشطون في قطاعي العلوم وإدارة الأعمال، لكنه تحول اليوم إلى حدث يشد أنظار العالم، ويشهد عدداً كبيراً من المشاركات رفيعة المستوى من جانب رؤساء وقادة الدول، كما يتضمن سلسلة من المناظرات والمحاضرات والحلقات النقاشية والندوات موزعة على قطاعات عدة سياسية وأمنية وثقافية وعلمية وطبية، ولا يقتصر على الموضوع الاقتصادي كما يوحي به عنوانه. وعلى الرغم من أن دافوس يُعقد مرة واحدة كل عام، إلا أن تأثيره غير عادي، لأنه يسلط الضوء على أكثر القضايا إلحاحاً في العالم، حيث يتعاون القادة فيه على إيجاد حلول للقضايا المطروحة أمامهم.