خبراء لـ الشرق: عدم استقرار أسعار الغاز في مستويات مثالية ينذر بأزمة
Al Sharq
دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة تبني أسعار عادلة للمنتجين والمستهلكين بصناعة الغاز، وذلك لتجنب المخاطر المتوقعة في حال استمرار ارتفاع الأسعار. وتوقع الخبراء حصول
دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة تبني "أسعار عادلة" للمنتجين والمستهلكين بصناعة الغاز، وذلك لتجنب المخاطر المتوقعة في حال استمرار ارتفاع الأسعار. وتوقع الخبراء حصول ارتدادات على الأسواق قد تتسبب في أزمة مشابهة لأزمة عام 2009 التي كان لارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية دور فيها. وأشار الخبراء إلى أن التداعيات السلبية المتوقعة على الاقتصاد العالمي ستكون في شكل سياسات نقدية ترفع من أسعار الفائدة، وتؤدي لرفع تكلفة رأس المال مما سيعرض النمو الاقتصادي لمخاطر قد تؤدي لتقلبات في الاقتصادات ترفع درجة المخاطر وتعرض آليات الأسواق لفوضى تعرقل مسار نمو الاقتصاد العالمي. تشجيع البدائل أكد الدكتور خالد بن راشد الخاطر المتخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، إمكانية حصول مخاطر فورية كنتيجة طبيعية للارتفاع المتسارع لأسعار الطاقة ومن بينها أسعار الغاز، مما يدفع بالشركات الكبرى والمستثمرين بقطاع الطاقة للبحث عن مصادر بديلة لإمدادات الطاقة وهو ما يمكن أن يحدث على المدى المتوسط والبعيد كالعودة إلى إحياء حقول النفط والغاز الصخري وتحفيز استثمارات التكنولوجيا والطاقة المتجددة بشكل متسارع. وأوضح الخاطر أن هذه الارتفاعات تحصل بين فترة وأخرى، وهي تحتاج إلى دراسة معمقة ومتخصصة من الخبراء في قطاع الطاقة للوقوف على أسبابها الحقيقية، وتوجيهها التوجيه السليم من جانب أصحاب وصناع القرار. ومن خلال التجارب السابقة تدفع الأسعار العالية دائما باتجاه تحفيز الاستثمارات في مصار أخرى والبحث عن بدائل وهذا أصبح واضحا ومعروفا من خلال ما شاهدناه في الغاز الصخري، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مرة اخرى، بما يضر المنتجين على المدى البعيد، وعليه فإن الأسعار المثالية هي الاسعار المعتدلة التي لا تضر المنتجين ولا المستهلكين كما لا تحفز الاستثمارات والتكنولوجيا البديلة لإمدادات الطاقة. ويقول الخبير الاقتصادي، إن المتوقع حاليا أن القفزات العالية التي شهدتها أسعار الغاز الطبيعي في الآونة الاخيرة بسبب نقص الإمدادات العالمية للغاز وارتفاع الطلب عليه في دول آسيا خصوصا الصين، حيث الانتعاش الصناعي القوي، بينما تسعى دول أوروبا لتخزين المزيد من الغاز المسال ورفع احتياطياتها تحسبا لفصل شتاء أشد برودة من السنوات الماضية. وفي حال استمرت هذه الارتفاعات في أسعار الغاز فقد تتحول أنظار الكثير من الدول لاستخدام زيت الوقود (النفط) لتوليد الكهرباء، وهو يعتبر مجديا من الناحية الاقتصادية، ويشير الدكتور الخاطر إلى أن ما يحدث حاليا احتمال أن يكون نذيرا مسبقا لما قد يحدث لأسواق الطاقة عند انتعاش الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب على الإمدادات على المدى المتوسط والبعيد. كما أنه يعكس خطورة وقف الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والتحول للطاقات المتجددة دون وضع خطط استراتيجية، مما قد يتسبب في شل نمو الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، كما هو حال أسعار الغاز في أوروبا الآن. مخاطر عالمية وفي معرض رده على أسئلة الشرق، يقول الخبير الاقتصادي والمتابع لتقلبات أسواق الطاقة، د. عبدالله الخاطر، إنه في الآونة الأخيرة تصاعدت المخاوف من تجاوز معدلات التضخم المتوقعه بسبب ارتفاع أسعار السلع المواد الأولية، وتصدرت أسعار الطاقة الضغوط التضخمية، حيث بلغت الأسعار مستويات تجاوزت كل التوقعات وبلغت مستويات لم تبلغها حتى ما قبل جائحة كورونا، لذلك مثل هذه الارتفاعات السريعة وفي خضم الاختناقات بسبب العودة لإطلاق الاقتصاديات حول العالم سوف يكون لها تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي في شكل سياسات نقدية ترفع من اسعار الفائدة وتؤدي لرفع تكلفة رأس المال مما سيعرض النمو الاقتصادي لمخاطر قد تؤدي لتقلبات في الاقتصادات ترفع درجة المخاطر وتعرض آليات الأسواق لفوضى تعرقل مسار نمو الاقتصاد العالمي. عوامل مهمة ومن جانبه يقول المهندس علي عبدالله بهزاد، في حديثه لـ الشرق، إن ارتفاع أسعار الغاز غير المبرر يعود إلى عوامل مهمة هي تذبذب أسعار المعادن من النفط والذهب والعملات الفترة الماضية بسبب دخول بعض الدول في مرحلة ما بعد وباء كورونا واستعدادها لتنشيط القوى الاقتصادية لديها بزيادة الطلب على الطاقة. والسبب الثاني لأن الغاز يعد بديلا نظيفا لمحطات احتراق الفحم ونية الكثير من الدول تخفيف الاعتماد على النفط والفحم ببدائل أخرى آمنة منها الغاز، والسبب الرئيسي في رأيي أن المنطقة الأوروبية تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة بسبب قرب دخول فصل الشتاء الذي يحتاج إلى تزويد محطات التدفئة والمنازل والتصنيع وفي كل عام يزداد الطلب على الغاز لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان وأيضا لقطاعات الإنتاج والتخزين والتصنيع. ويعود أيضا الارتفاع إلى بعض التغييرات المناخية من فيضانات وعواصف وسيول زادت الطلب على الطاقة. وينوه المهندس بهزاد أن ضبط الأسعار يحتاج إلى جهود دولية عاجله للحد من تأثيرات الارتفاع الذي سيجعل سوق الإنتاج يتأثر وكذلك سيتأثر الاستهلاك. الأزمة العالمية وفي تعليقه لـ الشرق يقول الخبير الاقتصادي، والمدير الشريك بمركز البيرق للدراسات الاقتصادية والمالية، بشير يوسف الكحلوت، إنه من الطبيعي إذا ارتفعت أسعار الطاقة بشكل مفاجئ وسريع وفي وقت قصير أن يؤدي هذا إلى انخفاض الطلب على الإمدادات، لأن السعر، ولاسيما سعر برميل النفط إذا بلغ 40 أو 45 أو 50 دولارا للبرميل، فهذا يشجع الطلب لأنه سيساعد على إنتاج سلعة أكثر بتكلفة أقل. وكذلك الحال بالنسبة للغاز، ولكن عندما تقفز أسعار الغاز المسال كما حدث في الآونة الأخيرة وتتضاعف وتقترب من أعلى مستوياتها في سنوات، فإن ذلك يفاجئ المنتجين في العالم كله ويدفعهم لأن يحاولوا التقليل من الطلب على هذه السلعة، وهو ما يؤدي بالمحصلة إلى حدوث ركود نظرا لانخفاض الطلب وتقليل الإنتاج فعندها يحصل الركود الاقتصادي. وقد حصل ذلك في سنوات سابقة مثلا عندما ارتفعت أسعار الطاقة عام 2008 وتجاوز سعر برميل النفط 120 و130 دولارا للبرميل في بعض الفترات، ووصل حتى في أقصى مستوى 148 دولارا للبرميل، وقد كان هذا من العوامل التي ساهمت في سرعىة حدوث ركود اقتصادي كبير سنة 2009 ولازال العالم يعاني من أثر هذا الركود العالمي السلبي حتى الآن بدليل أن معدل الفائدة على الدولار منذ ذلك الوقت قريب من الصفر وقد يزيد عليه بقليل في محاولة لتنشيط الاقتصاد، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن. ويضيف الخبير الاقتصادي بشير الكحلوت أنه إذا حصلت موجة ثانية من ارتفاع أسعار الغاز والنفط، فإن ذلك سيعمق من الضغوط ومن الأزمة العالمية المنتظرة، حيث إن هناك توقعات اقتصادية بحصول أزمة عالمية جديدة في الشهور القادمة ولها أسباب كثيرة من بينها ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وارتفاع الديون الأمريكية التي أصبحت مستوياتها قياسية، وأزمة الديون العقارية المتعثرة في الصين، ونحن نأمل أن يتم تلافي هذه الأزمة قبل حصولها، وذلك بما يقلل من آثارها أو بما يجنب العالم مخاطرها وسيكون من أحد أسباب ذلك التحكم في أسعار الطاقة، بحيث تكون أسعارا صحية تخدم المنتجين ولاتضر بالمستهلكين للدرجة التي تدفع للتأثير على توازنات السوق. تحذيرات الاقتصاديين ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تبقى أسعار الغاز عالميا مرتفعة خلال هذا العقد مقارنة مع العقد الماضي. وحذرت خبراء فرنسيون من العودة مجددا إلى مصانع الفحم لإنتاج الطاقة نظرا لكلفته المنخفضة، مما سيطيح إلى حد كبير بالجهود التي بذلت سابقا للحد من الانبعاثات الملوثة. وبالفعل، بدأت بريطانيا إعادة تشغيل معامل الفحم الحجري لديها، إذ يعتمد قطاع إنتاج الكهرباء لديها بشكل أساسي على الغاز، ما شكل خطرا فعليا على استمرار الإنتاج. يذكر أن الحكومة البريطانية كانت تسعى لإيقاف معامل الفحم بشكل كامل في العام 2024، لكن التطورات الحالية قد لا تساعدها في الإيفاء بالتزاماتها. وعلى الصعيد العالمي، نبه اقتصاديون إلى ضرورة أن يتنبه العالم لما يحدث في أوروبا لأن تداعياته ستطال جميع القارات. فأسعار الغاز ارتفعت في آسيا بنسبة 175 في المائة، وقد لفتت المجلة إلى خطورة توقف معامل في الصين أو اضطرارها إلى رفع أسعارها ما سيؤثر على أسعار المنتجات عالميا. كما أن دولا أخرى أكثر فقرا لن تحتمل ارتفاعا كبيرا في أسعار الغاز.