الطيران أبرز القطاعات المتضررة من الأزمة الروسية الأوكرانية
Al Sharq
من أبرز القطاعات المتضررة في الأزمة الروسية - الأوكرانية قطاع الطيران، حيث يتوقع تضرر القطاع بنحو 82 مليار دولار. ولا سيما الخطوط التي تربط بين دول أميركا الشمالية،
من أبرز القطاعات المتضررة في الأزمة الروسية - الأوكرانية قطاع الطيران، حيث يتوقع تضرر القطاع بنحو 82 مليار دولار. ولا سيما الخطوط التي تربط بين دول أميركا الشمالية، ودول أوروبا ودول آسيا الشمالية، لأنها مجبرة أن تعبر فوق المجال الجوي الروسي. دفعت الأزمة العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية أيضاً، إلى منع الطائرات الروسية من العبور في أجوائها، فردت الحكومة الروسية بالمثل ومنعت طائرات هذه الدول من العبور فوق أراضيها. وبحسب بلومبرغ، يمر عدد هائل من الطائرات في سماء روسيا، يُقدر بنحو 300 ألف طائرة سنوياً. ويعود السبب إلى أن مساحة روسيا هائلة وتبلغ 17.13 مليون كيلومتر مربع وهي تعد همزة وصل بين آسيا الشمالية وقارتي أوروبا وأميركا، إذ إن سلوك المسار الجوي الروسي للانتقال بين هذه المناطق يوفر على شركات الطيران تكلفة كبيرة. ويقول محللون إن منع الطائرات الأوروبية والأميركية من عبور المجال الجوي الروسي، يفرض على شركات الطيران تعديل مسارها والالتفاف بشكل كبير حول روسيا للوصول إلى مقاصدها، أي إنه على الطائرات أن تقطع مسافات كبيرة جداً، وهذا ما دفع بعض شركات الطيران إلى تعليق رحلاتها التي كانت تمر فوق روسيا. كما أن تعديل المسارات لتصبح أطول يؤثر على أمرين، أولهما أن كلفة الطيران ستُصبح أعلى، إذ إن قطع مسافات أطول لتجنب المجال الجوي الروسي يعني ارتفاع كلفة كل رحلة وصرف المزيد من الوقود. هذا الأمر يعني أيضاً أنه على الطائرات التزود بكميات وقود أكبر، ما يعني أنه عليها أن تخفف من حمولاتها. وثانيهما حاجة الرحلات إلى أوقات أطول للوصول، وهو ما يعني أوقات طيران أكثر، وبالتالي تغير كبير في برامج الطيران التي توضع مسبقاً وإرهاق الطيارين وسائر العاملين على الطائرة واستهلاك الطائرة بشكل أكبر. يظهر هذا الأمر في العديد من شركات الطيران. فمثلاً رحلة شركة «فيناير» بين هلسينكي وطوكيو، ورحلة الخطوط اليابانية بين طوكيو ولندن، كانتا تسيران فوق روسيا في الأوقات الطبيعية، لكن الظروف الراهنة أجبرت هاتين الرحلتين على تعديل المسارات من خلال التوجه شمالاً لتجنب المجال الجوي الروسي. كانت رحلة الشركة اليابانية تحتاج ما بين 12 ساعة و12 دقيقة في الأوضاع الطبيعية، أما بعد تعديل المسار فأصبحت تحتاج إلى 14 ساعة و38 دقيقة. ووفقاً لحسابات منظمة IATA فإن معدل أسعار وقود الطائرات خلال عام 2022 ستبلغ 112.5 دولار للبرميل الواحد. ولا يقتصر انعكاس الأزمة على حركة الطيران بين المناطق المذكورة، بل يتعداها إلى مسائل أخرى مهمة أيضاً؛ فالاضطراب في حركة الطيران لا ينعكس فقط على تنقل البشر بين البلدان، بل يشمل أيضاً عملية نقل البضائع جواً. وارتفاع كلفة نقل البضائع يسهم في رفع أسعارها. وهكذا تكون العقوبات الأوروبية والأميركية على روسيا قد أسهمت في المزيد من تضخم الأسعار. وتشكل هذه الأزمة عاملاً ضاغطاً على شركات الطيران. فبالإضافة إلى موجة الارتفاع في أسعار النفط مع بلوغ سعر البرميل 139 دولاراً في وقت ما، يؤدي منع عبور الطائرات فوق الأجواء الروسية إلى تعميق خسائر قطاع الطيران. فمن جهة هناك ارتفاع أسعار النفط الذي يرفع كلفة الرحلة للتذاكر المدفوعة مسبقاً، وأسعار التذاكر للرحلات الجديدة، ومن جهة ثانية يؤدي طول مسافات الطيران إلى زيادة إضافية غير منظورة في الأكلاف، أي مزيد من الخسائر، فضلاً عن الخسائر المباشرة الناتجة من إلغاء الرحلات المتوجهة من وإلى شمال آسيا. ويأتي كل هذا مع محاولة تعافي قطاع الطيران من أزمة كورونا التي كلفته خسائر تُقدر بأكثر من 200 مليار دولار بحسب تقدير «إياتا». فخلال الأزمة انخفض عدد ركاب الطيران في العالم إلى أقل من 47% من عدد الركاب المعتاد. وفيما كان القطاع يحاول استعادة أنفاسه، مع تقديرات تُشير إلى عودة الركاب إلى مستويات تقرب من 87% من أعداد ما قبل جائحة كورونا، أتت الأزمة الأخيرة لتُعيق التعافي المرتقب وتؤجل التعافي حتى إشعار لاحق.