
الخطاط حسان الحاج لـ الشرق: الخط العربي.. فن يعيش عصره الذهبي في قطر
Al Sharq
للخطاط حسان الحاج إسهامات غزيرة في مجال الخط العربي، توجته بالفوز بالعديد من الجوائز، وتدريسه في عدة ورش مختلفة، وهو ما جعله يشكل فكرة عامة عن مستوى المشاركين فيها،
للخطاط حسان الحاج إسهامات غزيرة في مجال الخط العربي، توجته بالفوز بالعديد من الجوائز، وتدريسه في عدة ورش مختلفة، وهو ما جعله يشكل فكرة عامة عن مستوى المشاركين فيها، ومدى إقبالهم على تعلم الحرف العربي. من هنا، كان لقاء الشرق الخطاط حسان الحاج، ليطرح رؤيته عن مدى إقبال الشباب القطري على تعلم الخط العربي، وليتحدث عن مدى الاهتمام بالحرف العربي محلياً، علاوة على توضيحه لكيفية توظيف فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021 لتعزيز مكانة الخط العربي، لما يمثله الفن الإسلامي من أهمية معرفية كبيرة. ولم يغفل الحوار التطرق إلى طبيعة التحديات التي تواجه الحرف العربي، وتفسيره لإقبال غير الناطقين باللغة العربية على تعلمه، بالإضافة إلى حديثه عن كيفية التوعية بأهمية الحرف العربي. مقترحاً تدريسه أسبوعيا لطلاب المدارس بشكل منفصل عن حصص اللغة العربية وحصص الفنون البصرية، إلى غير ذلك من محاور طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:*خلال فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021. برأيكم، كيف يمكن توظيف هذه الاستضافة لإبراز أهمية الخط العربي، كأحد الفنون العريقة؟ **الفن الإسلامي غزير بإنتاجه الفني والمعرفي الذي أسهم في تطور الفن المعاصر في مختلف أشكاله وصوره وتقنياته من فنون الرسم والنحت وفن الجداريات والعمارة فضلاً عن فن التصميم وفن الخط. الخط العربي فن من أهم الفنون العربية والإسلامية التي أسهمت في رقي الحرف والزخرفة، ولاسيما بعد البدء بكتابة وتدوين القرآن الكريم بفضل الفتوحات التي أدت إلى توسيع النطاق الإسلامي في المناطق التي وصل إليها الإسلام لتكون فيما بعد من أهم مراكز تطور فن الخط العربي والزخرفة الإسلامية في العالم. إن عناية المسلمين بالخط العربي ترجع إلى أنه كان الوسيلة الأساسية التي حُفظ بها القرآن الكريم. فكان من الطبيعي أن تكون المصاحف الشريفة مناسبة لفن تجويد الخط. تطور الخط العربي وتحسن نتيجة لصلته بالقرآن الكريم، وقد بدأ يدخل من التدوين من خلال الزخرفة وإدخال التزيينات والذهب في الآيات القرآنية. وكان للقرآن الكريم أثر كبير في نهضة هذا الفن ووصوله إلى مراحله التجويدية وتحوله من بنيته التجويدية إلى البنية الجمالية والدلالية، فهو يرتبط ارتباطاً نوعياً بالخط العربي بعيداً عن الفنون الأخرى. وقد انعكس هذا الإجلال والاحترام للكلمة المكتوبة على المكانة المرموقة التي احتلها الخطاطون في المجتمع الإسلامي. وقد استلهم الفنانون في العالم القيم الجمالية للحرف العربي في الفن التشكيلي عبر ظهور فن الحروفية وهو اتجاه في الفن التشكيلي يقوم على توظيف الحرف العربي كمفردة تشكيلية لتحقيق منجز بصري، ضمن تعاليم الفن الحديث من خلال الجمع بين الأصالة والحداثة. وفي ورشة نزهة في جماليات الخط العربي استعرضت على سبيل المثال لا الحصر بعض تجارب الفنانين القطريين الرواد في مجال فن الخط العربي والحروفية وهم: أ. يوسف أحمد و أ. علي حسن و أ. صالح العبيدلي وأ. خلود الكواري، وهم ممن لهم بصمة واضحة في قطر وعلى المستوى الدولي والذين أثروا الحركة الفنية التشكيلية بأعمال فنية خالدة ولا يألون جهدا في نشر ثقافة فن الخط العربي في المجتمع من خلال فنهم وفي الندوات الثقافية ومختلف الفعاليات. ويساهمون في تعزيز مكانته وأهميته ونشر الوعي للحفاظ على هذا الفن والذي يعتبر عماد الحضارة الإسلامية. حيث كان لكل فنان أسلوب ونهج خاص به.سماء الحرف العربي* من خلال تقديمكم للعديد من ورش الخط العربي، ما مدى إقبال وتفاعل الشباب القطري معها؟ **قبل مرحلة كورونا كان الإقبال كبيرا على ورش وفعاليات الخط العربي التي قدمتها خلال فترة عملي بوزارة التعليم والتعليم العالي ومتحف الفن الإسلامي وكتارا ومعهد الجزيرة للإعلام، حيث كان عدد المتقدمين يفوق الطاقة الاستيعابية لقاعة التدريب ويتم الاعتذار عن العدد الفائض أو تأجيله لدورة قادمة واستمر هذا حتى نهاية عام 2019، وأثمرت هذه الفعاليات عن ظهور عدد من الخطاطين والخطاطات القطريون يلمع نجمهم في سماء فن الخط العربي الآن. وبسبب القيود الاحترازية توقفت دورات الخط العربي منذ الشهر الثالث من عام 2020 وحتى الشهر الخامس من عام 2021 حيث أقمنا أول ورشة للخط العربي في معهد الجزير للإعلام بعد تخفيف القيود وكان العدد قليلا نسبيا مقارنة بما قبل الأزمة وأتوقع عودة الطلب على الالتحاق بدورات الخط العربي في الأيام القادمة بإذن الله تعالى.تذوق الفنون* وما الحرف العربي الأكثر إقبالاً عليه من القطريين، من خلال انخراطهم في مثل هذه الورش؟ **الشعب القطري شعب ذواق ومحب للفنون كافة وخاصة فن الخط العربي الذي يحظى بمكانة عظيمة في قطر، وكل الخطوط العربية تنال حب واهتمام القطريين ويرغبون بتعلمها وكان أكثر حرف يتوقف عنده المتدربون أثناء الكتابة في جميع الخطوط هو شكل حرف الحاء أو الجيم أو الخاء نظرا لجمال هذا الحرف ولصعوبة كتابته بقلم القصب مثلا، كونه يكتب على مراحل عدة بحركات متسلسلة، وكبر حجمه قياسا للحروف الأخرى وخاصة بخط الثلث الذي يعتبر أجمل و أصعب الخطوط العربية.*.. وكيف يمكن التوعية بأهمية الحرف العربي، ليجد فيه الدارسون ملاذًا آمناً لإحياء عراقة هذا الحرف، وإبراز جمالياته؟ **الخط العربي هو فن تصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تعتمد على الحروف العربية وهو الوعاء الذي احتضن اللغة العربية وهو العماد الذي حفظ القرآن الكريم، منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى عصرنا الحالي، كما أنه كان سبباً في حفظ السنة النبوية الشريفة منذ القرن الثالث عشر حتى عصر الطباعة بالإضافة إلى العلوم المختلفة للدين الإسلامي. وعلى ذلك يجب نشر ثقافة فن الخط العربي عبر الإعلام وبرامج التلفزيون والمحاضرات والندوات الثقافية والمعارض الفنية والمسابقات ولاسيما بين الطلاب في المدارس، وأقترح تخصيص حصة لتدريس الخط العربي أسبوعيا لطلاب المدارس منفصلة عن حصص اللغة العربية وحصص الفنون البصرية.أسرار جمالية*ما تفسيركم لمدى الإقبال على تعلم الخط العربي من غير الناطقين بالضاد بشكل يكاد يفوق المنتمين للغة العربية؟ ** لمست هذا خلال فترة عملي في متحف الفن الإسلامي حيث كنت أقدم ورش الخط العربي للجمهور مباشرة خارج قاعات التدريب أيام السبت وكان الإقبال على هذه الورش من غير العرب والأجانب كبيرا وكنت دائما أتذكر قولا منسوبا للفنان بابلو بيكاسو: إن أقصى نقطة استطعت الوصول إليها بفن الرسم كان فن الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد. وهذا يدل على أن فن الخط العربي الذي ولد في أحضان القرآن الكريم هو من أهم الفنون الراقية التي ظهرت في الحضارات القديمة. حيث يختزن أسرارا بصرية وجمالية جاذبة للعربي ولغير العربي الذي يستشعر جمال شكل الحروف والكلمات والجمل في اللوحات بغض النظر عن المعنى، وقد ظهرت دراسات عدة على النسبة الذهبية التي بني عليها الخط العربي والتي تظهر مكامن الجمال الجذاب في الخط العربي.تحديات تقنية* هل ترون أن الحرف العربي ما زال يواجه تحديًا بفعل التقنيات الحديثة؟ **كل تحديات التقنيات الحديثة الحالية لا تقارن بالحدث التاريخي الجلل عندما عاشت تركيا صدمة كبيرة عام 1928 بعد انقلاب حروف الكتابة من العربية إلى اللاتينية لتصبح اللغة التركية مكتوبة ومقروءة بحروف لاتينية، ولو قدر الله أن يندثر فن الخط العربي لكان حينئذ، حيث إن تركيا وإسطنبول تحديدا هي عاصمة للخط العربي استمرت مئات السنين من المجد والتطور والازدهار. وفي دولة قطر خاصة يعيش فن الخط العربي عصره الذهبي بفضل الاهتمام الذي توليه الدولة، ولعل المسابقة الدولية التي أعلنت عنها لكتابة مصحف قطر والتي انفردت بها دولة قطر وتكريم الدولة لخطاط مصحف قطر الأستاذ عبيدة البنكي هو أكبر تكريم وتعظيم وتمجيد لفن الخط العربي ودعم للخطاطين ولكل محبي هذا الفن العظيم في العالم. وأنا مطمئن على حال الخط العربي، فهو مستمر ومرتبط بالقرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية، ومهما نافسته التقنية سيبقى شامخاً في فضاء الجمال بما يحمله من ينابيع إبداع لا تنضب.*.. وهل ساهمت هذه التقنيات في الحد من الإقبال على تعلمه؟ **هنا يجب الفصل بين الاقبال على تعلم فن الخط العربي حبا واستشعارا بجماله وعظمته وبين الجانب الاقتصادي المادي بالانتفاع من خدمة التكنولوجيا والطباعة التي وفرت الوقت والجهد الكثير والمال الوفير، والإقبال على تعلم فن الخط العربي مستمر بالرغم من التقدم التكنولوجي الرهيب وظهور أعتى برامج التصميم والإخراج وأدق الطابعات، لسبب بسيط وهو الروح والجمال والإحساس والأصالة الموجودة في خط اليد يفتقدها الحاسب الآلي ولو خيرت باقتناء لوحة بالخط العربي مكتوبة بيد خطاط محترف ولوحة أخرى منفذة بالكمبيوتر ومطبوعة لاخترت الأولى مؤكدا.More Related News
