الانتخابات الليبية مرحلة مفصلية نحو الديمقراطية
Al Sharq
في الوقت الذي تقترب فيه ليبيا من فرصة إحلال السلام والاستقرار، يأتي قرار مجلس النواب الليبي القاضي بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة،
في الوقت الذي تقترب فيه ليبيا من فرصة إحلال السلام والاستقرار، يأتي قرار مجلس النواب الليبي القاضي بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لإثارة التوترات القائمة بين مؤسسات الحكم في البلاد، لاسيما بشأن الصلاحيات ومشاريع القوانين الانتخابية. ورغم تأكيد مجلس النواب أن الحكومة ستمارس مهامها حتى الانتخابات المقبلة التي باتت وشيكة، الا ان هذه التوترات تهدد الانفراج السياسي الذي تشهده البلاد منذ أشهر، حيث تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، في 16 مارس الماضي، مهامها قيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبرالمقبل. وفي مقابلة له على قناة "218" المحلية، أكد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أنه لا قيود على عمل حكومة الوحدة الوطنية في الداخل، وأنها تستطيع ممارسة مهامها وصولا إلى الانتخابات. واتهم صالح الحكومة بعدم تنفيذ الاستحقاقات الموكلة إليها. وأكد ان الهدف من سحب الثقة منها هو الخوف من استمرارها في ابرام عقود طويلة الاجل قد يترتب عليها ديون كبيرة على عاتق الشعب، مشيرا الى انها أنفقت نحو 84 مليار دينار في فترة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر. وصرح بأن حل الأزمة الليبية يكمن في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، محذرا من أن عرقلتها سيترتب عليها عواقب وخيمة وفوضى. ومن المرجح انعقاد جلسة الاثنين المُقبل في مدينة طبرق شرقي ليبيا، لمناقشة مشروع قانون الانتخابات البرلمانية، بعد أن أصدر مجلس النواب قرارا بتشكيل لجنة برلمانية تضم 13 عضوا لإعداد مقترح مشروع القانون الانتخابي، على ان يقدم لها النواب مقترحاتهم وملاحظاتهم، لدراستها وإمكانية تضمينها في القانون الانتخابي. وكان صالح قد صرح انه سيسلم السلطة لآخر جديد فور انتخابه، موضحا أن إعلان ترشحه للرئاسة حاليا "غير مناسب". *الاتفاق السياسي وتشكل مسألة اصدارالقوانين في ليبيا، جدلا مستمرا بين السلطات، وفي وقت سابق أحال رئيس مجلس النواب، قانون انتخاب رئيس الدولة وتحديد مهامه، وشروط الترشح والاقتراع، إلى المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بعد ان رفض خالد المشري رئيس المجلس الأعلى، القانون الانتخابي الصادرعن مجلس النواب، واتهم رئيس مجلس النواب بتجاوز "الاتفاق السياسي"، الذي وقعت عليه الأطراف الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة في ديسمبر 2015، والذي يسمّى أيضا بـ"اتفاق الصخيرات" تبعا لتوقيعه في مدينة الصخيرات المغربية. ويخالف المجلس الاعلى بطرابلس مجلس النواب بطبرق، في شروط ترشح رئيس الدولة، إذ يمكّن قانون مجلس النواب العسكريين من الترشح لمنصب الرئيس، "شرط التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بـ3 أشهر"، و"إذا لم يُنتخب يعود إلى سابق عمله". في حين تشترط قوانين المجلس الأعلى على المترشح للرئاسة أو لعضوية مجلس الامة ألا يكون من أفراد المؤسسة العسكرية، وأن يمضي عامان على الأقل على انتهاء خدمته. وتبرز خلافات أخرى بين المجلسين؛ حيث يسعى المجلس الأعلى إلى تكوين مجلس للأمة بغرفتين، نواب وشيوخ، في حين يصر مجلس النواب على تشكيل جسم تشريعي واحد. ومنذ حوالي اسبوع، تبنّى المجلس الأعلى مشروع قاعدة دستورية لتجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام الجاري، في حال تعذّر الاستفتاء على مشروع الدستور، بعد تمسكه بإجراء استفتاء شعبي على مسودة دستور يتم تنظيم الانتخابات وفقا له، ورفضه سعي مجلس النواب إلى إقرار قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات. ويذكر ان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وصف قرار مجلس النواب بسحب الثقة من الحكومة، بالباطل لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي. *إسقاط البرلمان وفي جمعة أطلقوا عليها، "جمعة إسقاط البرلمان"، شارك مئات المتظاهرين في مظاهرة في ساحة ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، رفضا لقرار سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية. وطالب المتظاهرون بإسقاط مجلس النواب، اثر إعلانه سحب الثقة من الحكومة بـ 89 صوتا من أصل 113. كما طالب المتظاهرون باستمرار عمل حكومة الوحدة الوطنية، ورفعوا شعارات تؤكد ضرورة البناء، وإعادة تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، واجراء الانتخابات المزمع عقدها في الـ 24 من ديسمبرالقادم. وشارك رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، في هذه المظاهرة، عقب دعوته الليبيين للخروج الى ساحة الشهداء والتعبير عن رأيهم في سحب الثقة من حكومته. وقال الدبيبة، "ان خروج المظاهرات رسالة قوية على وحدة ليبيا ورفض الانقسام". واضاف "لا للحرب ونعم للتنمية والوحدة والسلام"، مؤكدا عزمه على إنجاز ما جاءت لأجله حكومته. كما أكد على ضرورة إجراء الانتخابات بموعدها المحدد أواخر العام الجاري، "للحفاظ على وحدة ليبيا وإنهاء الانقسام والتشظي وإيقاف الحروب"، مشددا على أنه "لن يسمح بالانقسام والرجوع للماضي مهما كانت الأسباب. *مرحلة مصيرية وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ76، شدد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في خطاب أمام قادة ورؤساء دول المشاركة، على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها، مشيرا الى التحديات التي تواجهها ليبيا في إتمام العملية السياسية. وقال إن بلاده تشهد حاليا مرحلة مصيرية ومفصلية مع اقتراب الموعد الانتخابات. وقال المنفي، ان ليبيا امام النجاح نحو التحول الديمقراطي عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومقبولة النتائج ومن ثم الانطلاق نحو الاستقرار الدائم والازدهار، أو الصراع والعودة إلى مربع الانقسام والصراع المسلح. وأبلغ أعضاء الجمعية العامة أن التطورات المتسارعة في بلاده تدفع إلى التفكير في خيارات أكثر واقعية وعملية، تجنبا لمخاطر الانسداد السياسي الذي قد يقوض الاستحقاق الانتخابي، داعيا الاطراف الليبية لتيسير الوصول إلى توافق حول ضمانات فاعلة للحفاظ علي العملية السياسية وإجراء الانتخابات. وتطرق المنفي في خطابه، الى سعي طرابلس لاستضافة اجتماع دولي خلال أكتوبر القادم، من اجل طرح مبادرة دعم استقرار ليبيا، وهي مبادرة تتناول المسارات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية.