أول قضية ضد بريطانيا للاعتذار عن وعد بلفور
Al Sharq
أعلنت الجالية الفلسطينية من مختلف التيارات السياسية في المملكة المتحدة، في اجتماع حاشد في لندن، عن رفع أول قضية رسمية أمام المحاكم البريطانية ضد الحكومة البريطانية
أعلنت الجالية الفلسطينية من مختلف التيارات السياسية في المملكة المتحدة، في اجتماع حاشد في لندن، عن رفع أول قضية رسمية أمام المحاكم البريطانية ضد الحكومة البريطانية للاعتذار عن وعد بلفور الذي مر على إطلاقه 104 أعوام، والذي أسهم في أضخم جريمة عنصرية ضد الإنسانية من تشريد وسرقة الأرض وإنشاء كيان صهيوني على الأراضي الفلسطينية، وشارك في الاجتماع العديد من الرموز الفلسطينية والحقوقيين والأكاديميين وعدد من البرلمانيين، وافتتح الاجتماع حسان زملط السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، ومنيب المصري رجل الأعمال الفلسطيني، وشهد الاجتماع عرض أهم تفاصيل المشروع الصهيوني وبدايته بالتعاون مع الجانب البريطاني عبر كلمة الأكاديمية غادة الكرمي، كما قام المحامي البريطاني بين إيمرسون، بعرض ملف القضية وكافة الحقائق والمستندات المتعلقة بتورط بريطانيا عبر مسؤوليتها المباشرة عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية خلال الفترة التي سبقت 1948 حيث كانت تتولى إدارة البلاد. كما قام وفد من الجالية الفلسطينية بتسليم عريضة رسمية لمقر رئاسة الوزراء البريطانية يطالبون فيها الحكومة البريطانية بالاعتذار عن وعد بلفور بشكل رسمي، وتعتبر هذه الخطوة الأولى التي يتفق عليها كافة الفلسطينيين في المهجر في المملكة المتحدة لمقاضاة بريطانيا ومطالبتها بالاعتذار عن وعد بلفور المشؤوم. "الشرق" استطلعت آراء عدد من الرموز الفلسطينية في بريطانيا حول هذه الخطوة وما يجب أن يتبعها من خطوات عملية لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الصهيوني من الأراضي الفلسطينية. * الاعتذار لا يكفي وقال الدكتور حافظ الكرمي الناطق الإعلامي لهيئة علماء فلسطين لـ"الشرق" إن الاعتذار لا يكفي، لكن سنبقى نطالب بريطانيا بالاعتراف بجريمتها والاعتذار عنها وتقديم تعويضات مادية ومعنوية للشعب الفلسطيني نظير ذلك. وأضاف أن المطالبات الفلسطينية تتعدى الاعتذار إلى ضرورة قيام بريطانيا بتصحيح هذه الخطيئة التاريخية من خلال الوقوف بجانب الفلسطينيين الضحية، لا أن تقف إلى جانب الجلاد. وأوضح أنه حتى يأتي ذلك اليوم الذي ترضخ فيه بريطانيا للمحاسبة هي وكيانها المصطنع في أرض فلسطين عن هذه الجريمة، سوف نستمر في المطالبة بهذا الاعتذار. وأشار الكرمي إلى أن الدور البريطاني كان جوهريا في التسبب بكارثة للشعب الفلسطيني، حيث ما زالت أرضه محتلة، وما زال غالبية أبنائه مشردين ولاجئين خارج فلسطين، فضلا عن اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقال إنه يجب استخدام كافة الوسائل للحصول على الاعتذار البريطاني عن هذا الوعد المشؤوم والذي يعتبر جريمة بحق الشعب الفلسطيني، سواء من خلال رفع قضايا قانونية أمام المحاكم البريطانية للحصول على هذا الاعتذار بحكم القانون البريطاني، أو حشد الرأي العام البريطاني لمساندة القضية الفلسطينية والتأثير على الحكومة البريطانية لتعديل سياستها الظالمة تجاه القضية الفلسطينية، أو السعي للمشاركة في مؤسسات العمل المدني النقابية والعمالية والمهنية ذات التأثير القوي في بريطانيا، فضلا عن استخدام الورقة الاقتصادية التي تمتلكها الدول العربية والإسلامية للضغط على بريطانيا خصوصا والغرب عموما. *واجب أخلاقي وبدوره، قال الدكتور عزام التميمي الأكاديمي والإعلامي الفلسطيني لـ"الشرق" إن للفلسطينيين حقا في طلب الاعتذار بل والتعويض من بريطانيا التي مهدت الطريق لنكبتهم، واحتلال أرضهم وتشريدهم من ديارهم، ويجب على بريطانيا أخلاقيا التجاوب مع هذا المطلب. ودعا الفلسطينيين للاستمرار في النضال بكافة أشكاله من المقاومة إلى وسائل التعبير عن الاحتجاج سلميا، لكي يساهموا في تغيير ميزان القوى لصالحهم، مشيرا إلى أن شعوبا عديدة مرت بتجارب مشابهة من الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب أفريقيا. وأضاف "نقول للاحتلال الصهيوني والداعمين له بما في ذلك بريطانيا بأن الكرة سوف تكون عليهم، والأمة في طريقها إلى النهوض، ونهضتها شرط لتحرير فلسطين بدليل أن ثورات الربيع العربي قضت مضاجع الصهاينة ومن يحالفهم، ولسوف تتجدد دوراتها وجولاتها. * وعد باطل من جهته، أفاد الدكتور أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات في لندن لـ"الشرق"، أنه يجب المطالبة بالاعتذار الرسمي وما يتبعه من مقدمات وتبعات قانونية هائلة ترد للشعب الفلسطيني حقوقه، وتنهي الاحتلال الصهيوني عن الأراضي الفلسطينية وتنهي المشروع الصهيوني بكامله، ونسعى إلى حشد الحملات والتحالفات لتبيان مدى بشاعة الجريمة وما تبعها من انتهاكات وقتل وتهجير وسرقة الأرض، مضيفا أن اعتذار بريطانيا لن يكون بقيمة إنهاء الاحتلال الصهيوني، ولكن يجب أن نسعى إليه وندفع لحصوله لاستخدامه كورقة سياسية تفاوضية وقانونية تسترد بها الحقوق، حيث إن كل ما بُني على وعد بلفور باطل أخلاقيا وإنسانيا.. وتابع "ربما يطول الوقت كي يتم ذلك، لكن العمل على الاستمرار في تحقيقه ضروري، ولا سيما أن الحقب والعصور المبنية على باطل لا قيمة لها". وأشار إلى أن هذا الاحتلال وبريطانيا وكافة المتعاونين سوف يواجهون فيضانا من الغضب الفلسطيني حيث إن ما جرى في معركة سيف القدس إشارة إلى أن الشعب الفلسطيني لن ينسى، وأن الأجيال سوف تبقى على العهد لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني كاملة. وأكد التكريتي أنه على المملكة المتحدة أن تعي معنى التاريخ، وأن الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس أصبحت جزيرة نائية منعزلة عن سياقها الأوروبي، وحتى شمالها أسكتلندا يطالب بالانفصال، لتصبح فقط إنجلترا وويلز.. يجب على بريطانيا الاعتراف بالخطأ الجسيم لما قامت به بسبب هذا الوعد، حيث إن جريمتها لا تزال حاضرة نظرا لاستمرار معاناة ومأساة الفلسطينيين بسبب هذا الوعد المشؤوم، وإن لم يتم مراجعة كل ما حدث في هذا السياق سوف يأتي اليوم الذي يندم فيه كل فرد شارك في حدوث هذا الوعد ووقف خلفه وأيده ندما عظيما. * خطوة في الطريق إلى ذلك، ذكر الدكتور طارق حمود رئيس مركز العودة الفلسطيني لـ"الشرق"، أن الاعتذار يعتبر خطوة في طريق طويل سوف نستمر به حتى نصل في نهايته إلى الحصول على حقوقنا الثابتة، والاعتذار لا يكفي وحده بالتأكيد، لكنه سيكون موقفا سياسيا وقانونيا تنبني عليه استحقاقات كثيرة، وقد حصل مركز العودة الفلسطيني على اعتراف للمرة الأولى في تاريخها من قبل الحكومة البريطانية في عام 2017 يقر بأن وعد بلفور انتقص من الحقوق السياسية للفلسطينيين حيث كان عليه أن يحميها، وبذلك يجب الضغط السياسي من خلال الحملات التضامنية والقانونية وهي سبل ناجعة ونتائجها ملموسة. وأشار إلى أنه في حالة الحصول على الاعتذار فإن نضال الفلسطينيين ضد وعد بلفور لن يتوقف حتى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا أن الاحتلال الإسرائيلي وداعميه يواجهون شعبا لن يتوقف عن المطالبة بحقوقه وسوف يبذل من أجلها كل ما يملك، وقد أصبح وصمة العار الوحيدة في العالم الحديث، وسوف يقفون أمام التاريخ ككيانات عنصرية ومجرمة. *هدف إستراتيجي وطالب زاهر بيراوي رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، خلال حديثه لـ"الشرق"، الفلسطينيين في بريطانيا بالاستمرار في العمل عبر المستوى الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني في بريطانيا للتذكير بوعد بلفور ليس فقط خلال الذكرى السنوية للوعد المشؤوم، ولكن على مدار الوقت حتى لا تنسى الأجيال بشاعة تلك الجريمة العنصرية الاستعمارية التي أدت إلى اقتلاع معظم أبناء الشعب الفلسطيني من ديارهم ولحقت بهم والأجيال التالية تبعات كبيرة ومعاناة مستمرة حتى اليوم. وأضاف "يجب أن يتكامل العمل على المستويين الشعبي والرسمي في بريطانيا وأيضا في الوطن العربي وتكثيف الضغط لإجبار بريطانيا على التراجع عن الوعد والاعتراف بالجريمة، ومن ثم العمل على إعادة الحقوق لأصحابها عبر تسهيل عودة اللاجئين وتعويضهم وإقامة دولتهم على التراب الوطني الفلسطيني. وأكد بيراوي أن الشعب الفلسطيني لن ينسى حقوقه ولن يتخلى عنها، وأن مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون لن تتحقق أبدا، والدليل على ذلك هو تناقل الأجيال الرسالة وحمل الأمانة جيلا بعد جيل حتى يتحقق الوعد بالنصر والعودة، وسوف يستمر الفلسطينيون في المطالبة وفي العمل من أجل استعادة الحقوق ومحاسبة المجرمين ولن يضيع حق وراءه مطالب. وأضاف قائلا "لابد أن نجعل من ذلك مشروعا وهدفا إستراتيجيا فلسطينيا وعربيا ونعمل جميعا بكل قوتنا وعلى المستويات الشعبية والرسمية من أجل تحقيقه، وأقول بكل صراحة إن المطالبة بالاعتذار دون عمل حقيقي لتحقيق ذلك هو محاولة غير جادة، وتغييب للقضية، وأقدم كل التقدير والاحترام لكل جهد توعوي والحشد في هذا الاتجاه.