أفريقيا.. لعنة الموارد واللون.. بقلم: د. ياسر محجوب الحسين
Al Sharq
صورة أفريقيا النمطية أنها قارة الانقلابات العسكرية والصراعات الحادة والاضطرابات السياسية المتطاولة، وهي صورة تتكئ على حقيقة عرجاء من ورائها حقيقة أساسية أخرى؛ فكون
صورة أفريقيا النمطية أنها قارة الانقلابات العسكرية والصراعات الحادة والاضطرابات السياسية المتطاولة، وهي صورة تتكئ على حقيقة عرجاء من ورائها حقيقة أساسية أخرى؛ فكون راهن القارة يجسد تلك الصورة، إلا أن هذا الراهن الذي يؤزها أزا رسّخ له الاستعمار الغربي بدءا من عام 1870، واللعنة التي أصابت هذه القارة، أنها ثرية ثراءً فاحشا بالموارد الطبيعية فوق الأرض وتحتها، والطامعون فيها يرون أن إنسانها لا يستحق هذه الثروات، تأسيسا بنظرة عنصرية مصدرها الأساسي كتاب التوراة المحرف؛ ففيه زعم بأن سواد البشرة إنما أصله لعنة نوح لابنه حام؛ ومن ثم حفدته، وهو ما أسس للتفرقة العنصرية والتمييز اللوني عبر الحقب، هذه الأسطورة تمكنت وانتشرت في أوروبا منذ ما قبل العصور الوسطى. تحتل أفريقيا المكانة الثانية من حيث المساحة بين قارات العالم، حيث تمثل نحو 22 % من مساحة اليابس، وهي مستودع وترسانة للمواد الأولية، ولم يكد يتم استغلال ما يزيد على الطبقة السطحية من أرضها حتى اليوم، ومع ذلك فإنها تنتج ما يقرب من 98 % من إنتاج العالم من الماس و55 % من ذهبه و22 % من نحاسه مع كميات ضخمة من معادن جوهرية مهمة كالمنجنيز والكروم والأورانيوم، وتقدر احتياطيات النفط الخام في أفريقيا بنحو 125.8 مليار برميل، فيما بلغ الإنتاج اليومي، نحو 8.4 مليون برميل، كما تنتج أفريقيا حوالي ثلثي كاكاو العالم وثلاثة أخماس زيت النخيل، وأرضها فيها احتياطيات لا نهاية لها من القوة المائية كما ينمو في أرضها أي نبات في العالم، ومع أنها تضم نحو 13 % من سكان العالم إلا أن نصيبها من الناتج العالمي لا يتعدى 1.6 %. وكرد فعل لآثام الاستعمار التي ضربت جحافله أفريقيا والحامل لجرثومة العنصرية من لدن ذلك التحريف ثم تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، نشأت فكرة الزنجية أو النغريتية، ومنها تحولت نحو "الأفريقية" في غرب القارة ومن هنالك وفدت الفكرتان الأخيرتان إلى شرق أفريقيا بعد الاستقلال، ولم يكن استغلال الاستعمار البشع للقارة يقف عند نهب مواردها وثرواتها الطبيعية فحسب، وإنما طال ذلك الاستغلال الإنسان الأفريقي وحريته، وكرامته، فقد أشار أحد تقارير منظمة اليونسكو، إلى أن ما فقدته أفريقيا من أبنائها في تجارة الرقيق يقدّر بنحو 210 ملايين نسمة، مُعظمهم من الشباب والرجال الأقوياء، وهو ما ساهم في حرمان القارة من الأيدي العاملة الحقيقية، وتعميق تخلفها الاقتصادي.More Related News